في خطوة تصعيدية، قررت النقابة الوطنية للتعليم العالي تفعيل "الخطة النضالية التصعيدية"، والتي تتضمن إضراباً وطنياً لمدة 48 ساعة يومي 7 و8 أكتوبر 2025، ودعوة لتأسيس "جبهة وطنية" للدفاع عن التعليم العالي والجامعة العمومية. تأتي هذه القرارات في ظل ما وصفته النقابة بـ "المقاربة القمعية" تجاه الاحتجاجات الشبابية وتنديداً بـ "تفكيك المرفق العمومي" عبر تمرير قوانين دون استشارة الشركاء.
أعلن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، في بلاغ مفصل، عن عزمه على تنظيم إضراب وطني شامل لمدة 48 ساعة يومي 7 و8 أكتوبر 2025. كما أطلق دعوة لتأسيس "جبهة وطنية" للدفاع عن التعليم العالي والجامعة العمومية، من خلال التواصل مع مختلف الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية ومكونات الجامعة خلال الأسبوعين القادمين. وشدد البلاغ على رفض النقابة "للمقاربة القمعية" التي طالت الاحتجاجات الشبابية السلمية، معبراً عن التضامن مع الشباب ودعوة لإطلاق سراح كافة المعتقلين منهم. وأكدت النقابة على موقفها الثابت في دعم ومساندة القضية الفلسطينية، موجهة "تحية حارة لأسطول الصمود". في سياق متصل، أهاب المكتب الوطني بجميع الأستاذات والأساتذة الباحثين في مختلف مؤسسات التعليم العالي "التشبث بإطارهم النقابي" و"تقوية وحدتهم ورص صفوفهم" لمواجهة التحديات، وفي مقدمتها الدفاع عن الجامعة العمومية وصون المكتسبات والحقوق. كما عبرت النقابة عن عدم استجابة اجتماعاتها مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لانتظارات وتطلعات الأساتذة، بسبب "إخلالها بالمقاربة التشاركية" واعتمادها "أسلوب المماطلة والتسويف". واعتبرت النقابة أن "نشر دفاتر الضوابط البيداغوجية في الجريدة الرسمية، والعرض المتسرع لمشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي على المجلس الحكومي في عز العطلة الصيفية دون أخذ رأي الشركاء"، هي "أمور دبرت بليل قصد ضرب أهم ورش مجتمعي: التعليم العمومي". وأكد المكتب الوطني أن "إحالة الحكومة مشروع القانون المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي على البرلمان يعتبرُ إغلاقا لباب الحوار بشأن المشروع المذكور، وهي بهذا السلوك تكون قد أخلت باتفاق 20 أكتوبر 2022 وعملت على تفكيك بنية المرفق العمومي، وفتحت الباب على مصراعيه لضرب الاستقرار المجتمعي". وأدانت النقابة "المماطلة في تفعيل الاتفاقات بخصوص الملف المطلبي"، مشيرة إلى أن المطالب "عادلة ومشروعة" وقد صدر في شأن بعضها اتفاقات وبلاغات مشتركة. وفي تصريح ليوسف الكواري، نائب الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، لجريدة هسبريس الإلكترونية، أكد أن "التصعيد هو الخيار الوحيد مع أن باب الحوار مازال مفتوحا". واعتبر أن القانون الجديد "قانون مصيري سيرهن التعليم العالي لعقدين على الأقل"، مشيراً إلى أنه "لم يسبق أن تم تمرير نص يرهن قطاعاً حيوياً بهذا الشكل دون أن يحظى بإجماع أو شبه إجماع". وتساءل الكواري عن وعي الحكومة "بخطورة هذا الأمر"، مؤكداً أن المطلوب هو "قانون يُعبر عن إرادة جماعية، ويكون قابلاً للتنزيل، ويسهم في تحسين أداء المؤسسات التعليمية". وأضاف أن "الأمر لا يتعلق بمجرد نصوص أو إجراءات إدارية، بل بمستقبل تكوين وتأهيل الرأسمال البشري في البلاد"، داعياً إلى "قانون ينظم التعليم العالي بشكل يليق بهذا القطاع، ويكون في مستوى التطلعات، ويراعي الرأي الآخر، وينبع من روح وطنية لا من حسابات ظرفية أو مقاربات ضيقة".
تؤكد النقابة الوطنية للتعليم العالي على تمسكها بحقوق الأساتذة والجامعة العمومية، وتعتبر أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة في تمرير القوانين المتعلقة بالتعليم العالي تمثل ضرباً للمرفق العمومي وإغلاقاً لباب الحوار. وتدعو النقابة إلى توحيد الجهود عبر تأسيس "جبهة وطنية" للدفاع عن مكتسبات التعليم العالي، مع التأكيد على أن باب الحوار يبقى مفتوحاً رغم اللجوء إلى التصعيد.