حزب جبهة القوى الديمقراطية يدعو إلى مناظرة وطنية شاملة حول الصحة

صورة المقال 1

يتابع حزب جبهة القوى الديمقراطية باهتمام ومسؤولية التطورات المتسارعة والتفاعلات العميقة التي يشهدها قطاع الصحة بالمغرب، والتي انعكست بشكل جلي في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة أكادير ومناطق أخرى. هذه الاحتجاجات تعكس حجم المعاناة اليومية للمواطنين مع المنظومة الصحية، وتؤكد أن الأعطاب الهيكلية ما تزال قائمة وأن الإصلاحات الموعودة لم ترق بعد إلى مستوى الانتظارات المشروعة.


أظهرت المرحلة الأخيرة صورة متناقضة؛ فمن جهة، تصاعدت التعبيرات الاجتماعية عن هشاشة الخدمات الصحية وضعف البنيات والخصاص المهول في الموارد البشرية. ومن جهة أخرى، انخرطت الدولة في أوراش إصلاحية كبرى، من تعميم التغطية الصحية إلى إعادة هيكلة المنظومة عبر المجموعات الصحية الترابية، حيث ستدخل المجموعة الصحية لجهة طنجة–الحسيمة حيز التنفيذ ابتداءً من فاتح أكتوبر المقبل، كنموذج أولي يطرح أسئلة حول شروط النجاح وضمان الاستدامة. أمام هذا الواقع، يقترح حزب جبهة القوى الديمقراطية تنظيم مناظرة وطنية شاملة حول الصحة، باعتبارها الإطار الأنسب لفتح نقاش عمومي صريح ومسؤول يشارك فيه جميع الفاعلين: سلطات عمومية، أحزاب سياسية، نقابات مهنية، جمعيات مدنية، وهيئات تمثيلية وغيرها. وأكد المصطفى بنعلي، الأمين العام للحزب، أن ما وقع بأكادير يبرز عمق أعطاب المنظومة الصحية، رغم الأوراش الإصلاحية، ومنها دخول المجموعة الصحية لجهة طنجة–الحسيمة في فاتح أكتوبر. ويدعو الحزب، من موقعه كقوة اقتراحية، إلى مناظرة وطنية حول الصحة، غايتها بلوغ ميثاق وطني جامع يضبط الأولويات ويعزز الثقة، مع التزام بتقديم مقترحات عملية لجدول أعمالها. تستند الدعوة إلى هذه المناظرة إلى مبررات قوية ومترابطة، ترتبط بالحاجة إلى تقييم موضوعي لحصيلة الإصلاحات السابقة وتحيين أولوياتها، وضمان تمويل مستدام لتوسيع التغطية الصحية، وإرساء حكامة متناسقة بين المؤسسات الوطنية والجهوية، وتقليص الفوارق المجالية في الولوج إلى الخدمات، والاستعداد للمخاطر الصحية بعد دروس الجائحة وتعزيز الأمن الصحي الوطني، وتثمين الموارد البشرية وتحفيز الكفاءات، وتحقيق السيادة الدوائية والبيوتكنولوجية وربطها بالبحث والتطوير، وإدماج التحول الرقمي وحماية المعطيات الصحية، ومراعاة البعد البيئي والمناخي، وترسيخ الثقة عبر الشفافية وآليات التقييم العمومي. هذه المناظرة، كما يراها الحزب، ليست مجرد محطة تقنية لتقويم السياسات، بل آلية سيادية لإعادة بناء الثقة وقطع الطريق أمام أي توظيف خارجي للاختلالات الاجتماعية في سياقات جيو-استراتيجية تمس بصورة المغرب ومصالحه العليا. وهي فرصة لتعاقد اجتماعي جديد يجعل الصحة ورشة وطنية جامعة، ويبلور رؤية مشتركة للعقد المقبل بخريطة طريق واضحة، وبرمجة تمويلية متعددة السنوات، ومؤشرات أثر قابلة للتتبع والمساءلة، بما يضمن حق المغاربة في خدمة صحية عادلة وفعالة.

يجدد حزب جبهة القوى الديمقراطية دعوته إلى هذه المناظرة الوطنية، ويلتزم بالمساهمة الفعلية عبر تقديم مقترحات عملية ومفصلة لجدول أعمالها، بما يعكس دوره كقوة اقتراحية مسؤولة، حريصة على أن تظل القضايا الاجتماعية الكبرى شأناً وطنياً خالصاً، ومجالاً للتوافق والبناء المشترك بين كل مكونات الأمة.