أثار عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريقيا وتش”، تساؤلات عميقة حول جدوى إقرار المزيد من الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان، في ظل التراجع الخطير في مستوى الامتثال لقواعد القانون الدولي والالتزامات المترتبة على الدول والكيانات غير الدولتية. وأشار الكاين، في مداخلة له أمام مجلس حقوق الإنسان، إلى غياب شبه تام لتفاعل دولة الجزائر مع التوصيات المتعلقة بحماية جميع الأشخاص المتواجدين على ترابها، بمن فيهم الصحراويون بمخيمات تندوف.
أوضح الكاين، خلال البند الخامس من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، أن تتبع منظمات المجتمع المدني لمدى وفاء الجزائر بتوصيات حقوق الإنسان يكشف عن فجوة كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمناهضة التعذيب وحالات الاختفاء القسري التي تعود لعقود. كما انتقد رفض الجزائر استقبال البعثات القطرية للإجراءات الخاصة، مثل الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري (منذ عام 2000) والفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي (منذ عام 2009)، بالإضافة إلى المقررين الخاصين المعنيين بالمهاجرين، ومناهضة التعذيب، واستقلال القضاة، والحقوق الثقافية، والحق في الغذاء. وأكد الكاين أن هذا الموقف يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الجزائر للانخراط في مسار التعاون مع آليات الأمم المتحدة، رغم خطورة البلاغات العاجلة المتعلقة بحالات القتل خارج نطاق القانون والاختفاء القسري والتعذيب، سواء تعلق الأمر بالجزائريين أو المهاجرين أو الصحراويين في مخيمات تندوف. وأبرز الكاين أن تعزيز التعاون مع آليات الأمم المتحدة يُعد مدخلاً أساسياً لضمان حماية الحقوق الأساسية لهؤلاء الأشخاص، مشدداً على أن استمرار غياب المساءلة يفتح الباب أمام إفلات مرتكبي الانتهاكات الجسيمة من العقاب. وفيما يتعلق بالالتزامات الدولية، دعا المتحدث الجزائر إلى التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وقبول اختصاص اللجنة الأممية المعنية بالنظر في الشكاوى الفردية، بالإضافة إلى المصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كخطوة أساسية لمكافحة الإفلات من العقاب، لا سيما في الجرائم الكبرى كالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
في ختام مداخلته، شدد الكاين على أهمية الدور الذي يضطلع به مجلس حقوق الإنسان في الدفع نحو تعاون أوثق مع الجزائر. ودعا إلى تفعيل آليات الرقابة الأممية بشكل أكثر صرامة لضمان حماية الحقوق والحريات داخل المخيمات وخارجها، وإنهاء حالة الجمود التي سيطرت على هذا الملف لعقود.