وزارة الداخلية تستنفر لمواجهة "استنساخ" صفقات جماعية

صورة المقال 1

علمت هسبريس أن تقارير لجان تفتيش تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية استنفرت المصالح المركزية بوزارة الداخلية، بعد رصدها ملاحظات خطيرة حول "استنساخ" صفقات جماعية في جهات الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة وفاس-مكناس. وأوضحت أن توجيهات صارمة جرى تعميمها على ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم تقضي بعدم التأشير على صفقات مشبوهة تعتزم مجالس جماعية تمريرها في دورات أكتوبر المقبلة.


أفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن تقارير الداخلية حملت معطيات خطيرة بخصوص صفقات أشغال إصلاح وترميم طرق ومرافق عمومية سبق تنفيذها أكثر من مرة عبر سندات الطلب، إضافة إلى صفقات تجهيز محاور ومسالك طرقية بالإنارة والإشارات الضوئية، وصفقات أخرى مرتبطة بتجهيز مصالح جماعية بوسائل وأدوات مكتبية متكررة. وأكدت المصادر نفسها انتظار مصالح الإدارة المركزية أجوبة رؤساء الجماعات عن استفسارات موجهة إليهم، استنادا إلى تقارير التفتيش، حيث من المرتقب إحالة الملفات المتورط فيها منتخبون ومسؤولون على محاكم "جرائم الأموال" لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقهم. موضحة أن تسريبات عن التقارير المذكورة لمحت إلى اختلالات أخرى مرتبطة بتورط رؤساء في خرق مبدأ المنافسة على سندات الطلب، وتكرار اللجوء إلى مزودين بعينهم، إضافة إلى غياب وثائق قانونية وتجاوزات في تدبير لجان فتح الأظرفة. وتتنص مقتضيات المادة 88 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر بتاريخ 20 مارس 2013، والمتعلق بالصفقات العمومية، على وجوب خضوع الأعمال المنجزة بسندات الطلب لمنافسة مسبقة، مع تحديد مواصفات ومحتويات الأعمال المطلوب تنفيذها مسبقا. فيما سجلت مصالح المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية والمجالس الجهوية للحسابات ملاحظات مهمة خلال مهامها الرقابية الأخيرة مرتبطة بالإفراط في اللجوء إلى "سندات الطلب" من قبل الجماعات، خصوصا بعد رفع سقفها المالي من 200 ألف درهم إلى 500 ألف درهم. وكشفت مصادر الجريدة رصد مفتشي الداخلية من خلال التدقيق في محاضر تفويت سندات وتتبع الأشغال، اختلالات تدبيرية ومالية أخرى، مرتبطة بتقدير قيمة طلبيات عمومية، بعد مقارنتها مع التكاليف الحقيقية في السوق، ما دفع شركات حائزة لسندات إلى التنصل من التزاماتها، أو البحث عن شركاء لمساعدتها في إتمام مشاريع موضوع تعاقدات زمنية وغرامات تأخير صارمة. وتوقفت تقارير التفتيش عند استئثار مقاولات صغيرة جدا من الأقاليم الجنوبية وجهة الشرق بغالبية "سندات الطلب" المعلن عنها من قبل جماعات ترابية في المحور الرابط بين الرباط والدار البيضاء، فيما عززت الأسعار المقترحة من قبل بعض المقاولات في سياق عروض تنافسية بالبوابة الإلكترونية المخصصة للصفقات العمومية شكوك المفتشين، خصوصا أنها لا تغطي قيمة السلع أو تكاليف الأشغال المبدئية في معظم الأحيان. ورصد مفتشو الداخلية، وفق مصادر هسبريس، "سندات طلب" مجزأة لإصلاح وترميم طرق بقيمة إجمالية تجاوزت مليار سنتيم في جماعة لا يتعدى عدد سكانها 100 ألف نسمة بإقليم بشريد، ضواحي الدار البيضاء، مؤكدة أن هذه الطرق خضعت للإصلاحات ذاتها من قبل المجلس الجماعي خلال السنة الأولى من ولايته الحالية، ما عزز الشكوك حول الغايات من "استنساخ" سندات وتوجيه تمويلات جماعية لتغطية نفقات استثمارية بشكل غير مبرر.

تؤكد هذه التطورات على ضرورة تشديد الرقابة على الصفقات العمومية في الجماعات الترابية، وتطبيق القانون بحزم لضمان الشفافية والنزاهة في تدبير المال العام، وحماية المصلحة العامة من أي تجاوزات أو اختلالات.