صدرت مؤخرًا مجموعة قصصية بعنوان «مشاهد» للأديب المراكشي محمد العاطفي، الخبير في علوم التربية. وتعتبر هذه المجموعة بمثابة سيرة ذاتية محددة الزمن للمؤلف، يسرد فيها مشاهد من فترة دراسته بمدرسة ابن يوسف بمدينة مراكش، مقارنًا إياها بالواقع الحالي الذي طغت عليه الثورة الرقمية.
في قراءة مفصلة للمجموعة، وصف المحامي بهيئة مراكش محمد طاهر أبوزيد، كتاب «مشاهد» بأنه استقراء أدبي تربوي لواقع حال مجتمع نسي ماضيه الغني بالعلم والشعر والأدب، ليتحول إلى عالم مصطنع تسوده العولمة والذكاء الاصطناعي والتواصل الإلكتروني الصوري. ويحمل السرد الأدبي في القصص القارئ إلى عوالم تاريخية، مستعيدًا صور مدينة مراكش القديمة، وروعة أمكنتها وعمرانها ونخيلها وأشجارها وطيورها، كما كانت في العصور المرابطية والموحدية والسعدية. يصف أبوزيد الكتاب بأنه أشبه بفيلم سينمائي لمخرج عالمي، يصور أدق تفاصيل الزمان والمكان والإنسان، ويأخذ القارئ بسلاسة إلى بعد آخر لم تعشه الأجيال الجديدة. ويسلط الضوء على سرد مدرسة ابن يوسف التاريخية (دار البارود)، والأساتذة والعلماء الذين درسوا بها وأثروا في المجتمع، بمن فيهم المؤلف نفسه. وتتضمن المجموعة القصصية سردًا عميقًا لتفاصيل مدينة مراكش، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش تلك اللحظات التاريخية. ويبرز الكاتب ببراعة كيف أصبحت هذه المدينة، التي نحبها، مركزًا لهذه الذكريات والتفاصيل. يشيد أبوزيد بالسرد الذي يقدمه العاطفي، مؤكدًا أنه يثير في نفس القارئ، وكذلك في نفس المؤلف، شعورًا بالتقدير والحنين. ويختتم بأهمية القراءة المستمرة، مؤكدًا أن "الأمة التي لا تقرأ تموت موتًا زؤامًا".
تعد مجموعة «مشاهد» لمحمد العاطفي دعوة صريحة للعودة إلى جذورنا الثقافية والأدبية، وللتأمل في تأثير الثورة الرقمية على حياتنا، مع التأكيد على أهمية القراءة كركيزة أساسية لنهضة الأمم.