مؤلف جماعي جديد يدافع عن مغربية الصحراء: بين الشرعية التاريخية والمشروعية القانونية

صورة المقال 1

في إطار مشروع الأكاديمية المغربية للترافع عن مغربية الصحراء داخل المحافل الدولية، أصدرت المجلة الدولية لتدبير الأزمات وتسوية المنازعات مؤلفًا جماعيًا جديدًا بعنوان: “الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية والمشروعية القانونية: نصف قرن من المكتسبات الدبلوماسية والرهانات الجيوسياسية (1)”. يهدف هذا المؤلف، الذي تشرف عليه المجلة بالتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بآيت ملول، إلى استقراء نصف قرن من المكتسبات الدبلوماسية والرهانات الجيوسياسية المتعلقة بالصحراء المغربية.


يتناول المؤلف الجماعي، الذي نسقه كل من حكيم التوازني، ومحمد بوبوش، وعبد الحكيم أبو اللوز، طبيعة الشرعية المتعلقة بالصحراء المغربية، سواء كانت إرثًا تاريخيًا متجذرًا في العلاقات بين أهالي الصحراء والسلاطين والملوك المغاربة، أو بناءً قانونيًا تبلور عبر قرارات الأمم المتحدة وآليات الشرعية الدولية. يستعرض الكتاب أركيولوجية نصف قرن من التحولات الدبلوماسية والصراعات الإقليمية التي جعلت من ملف الصحراء أحد أهم رهانات الأمن والاستثمار في المنطقة. يبحث المؤلف في دور الترافع الثقافي والتاريخي في دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، من خلال تحليل المعطيات التاريخية والنصوص الأدبية التي توثق لعلاقات البيعة والانتماء بين القبائل الصحراوية والدولة المركزية. يعتمد على منهج تحليلي-سيميائي لاستكشاف تحول استراتيجيات الترافع من المقاربات الرسمية إلى أدوات ناعمة ترتكز على التأثير الرمزي والاتصال الثقافي. كما يرصد السياقين الوطني والدولي لهذا التحول، ويبيّن كيف أسهمت الدينامية الجديدة في توسيع دائرة الفاعلين والخطاب وتحسين أدوات الدفاع عن الوحدة الترابية. يهدف المشروع إلى بناء مرافعة أكاديمية متكاملة حول مغربية الصحراء، عبر تقديم حجج تاريخية موثقة تثبت أن الصحراء كانت ومازالت جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المغرب. يقارب هذه الحجج بصيغة تحليلية ومنهجية، لتكون مدخلًا تأسيسيًا للترافع العلمي والدبلوماسي، ولدحض كل الطروحات المشككة في هذه الحقيقة الراسخة بقوة التاريخ والجغرافيا والدين والثقافة والعرق. يستعرض المؤلف تطور الملف عبر المؤسسات الدولية، بدءًا من دور منظمة الوحدة الإفريقية في تسوية النزاع، مرورًا بفترة السبعينيات، وصولًا إلى انسحاب المغرب من المنظمة عام 1984. يتناول ذلك من خلال قراءة نصية ونقدية تستند إلى ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية وقراراتها، وتحليل التفاعلات السياسية الإقليمية. يعالج إشكالية عدم اقتران مطالبة منظمة الوحدة الإفريقية بتصفية الاستعمار الإسباني بمبدأ استكمال السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتوضيح أوجه التناقض التي شابت قرارات المنظمة في ما يتعلق بحق تقرير المصير وسيادة الدول الأعضاء. فتح ملف الصحراء على تجاذبات متعددة داخل أروقة الأمم المتحدة، بأفرز مسارات متباينة انتهت إلى طريق مسدود. تنوعت الحلول الأممية بين تحيين مخطط الاستفتاء واتفاق الإطار القاضي بالحكم الذاتي، أو خيار التقسيم. تبنى المغرب خيار الحكم الذاتي في إطار سيادته الوطنية، معززًا موقفه بمبادرة الحكم الذاتي لسنة 2007، بهدف الاستفادة من التجارب الدولية والاقتراحات الأممية، وبلورة مشروع حكم ذاتي بخصائص مغربية ورؤية استثمارية، والتوصل إلى حل توافقي يقوم على مبدأ “لا غالب ولا مغلوب”. عمل الخبراء على التدقيق السليم للمفاهيم القانونية المستعملة في الدفاع عن مغربية الصحراء، التي لطالما تم تحريفها من طرف خصوم الوحدة الترابية. تصدى المشاركون في هذا العمل الجماعي لهذه التحريفات بالإفحام والتفنيد عبر الحجاج القانوني الدامغ، وتفكيك تناقضات القانون الدولي بهذا الشأن. يأتي هذا المؤلف للمساهمة في إثراء النقاش حول مغربية الصحراء في المنتديات الدولية من منظور قانوني، من خلال تسليط الضوء على المرتكزات القانونية التاريخية، ودراسة استراتيجيات الترافع الأكاديمي، واستكشاف آفاق هذا الترافع في ظل التحديات والتحولات الدولية المعاصرة. يندرج هذا المشروع البحثي في سياق إدراك الحاجة الماسة إلى تقديم القضية بشكل علمي دقيق يتجاوز تكرار المواقف السياسية، إلى تأسيس خطاب قانوني رصين يمكن أن يكون له تأثير طويل الأمد في تعزيز سيادة المغرب على صحرائه.

يمثل هذا المؤلف الجماعي مساهمة قيمة في تعزيز الفهم العلمي والقانوني لقضية الصحراء المغربية، من خلال تحليل معمق للمرتكزات التاريخية والقانونية، واستعراض آليات الترافع الأكاديمي والدبلوماسي، وتقديم رؤية استشرافية للمستقبل في ظل التحديات الدولية الراهنة. يهدف إلى تأسيس خطاب قانوني رصين يؤكد مغربية الصحراء ويساهم في تعزيز سيادة المملكة.