في ظل تباين الأرقام المعلنة حول مناصب الشغل المحدثة، وتزايد مشكل السيولة وارتفاع مستوى التداول النقدي (الكاش)، كشف والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن خطوات جدية يعتزم البنك المركزي اتخاذها لمعالجة هذه القضايا التي تؤثر على الاقتصاد الوطني.
أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن لقاء مرتقب الأسبوع المقبل مع مسؤولي المندوبية السامية للتخطيط لبحث التباين الملحوظ في الأرقام المصرح بها بخصوص مناصب الشغل المحدثة خلال الفصل الثاني من السنة الجارية. وشهد قطاع الخدمات تراجعاً حاداً في خلق مناصب الشغل، حيث انخفض العدد من 230 ألف منصب إلى 5 آلاف فقط، في حين فقد القطاع الفلاحي 108 آلاف منصب. وأكد الجواهري، خلال الندوة الصحفية التي عقبت الاجتماع الفصلي الثالث لمجلس بنك المغرب، على ضرورة إعادة النظر في المنهجية المتبعة لإحصاء مناصب الشغل، مقترحاً الاعتماد على الإحصائيات السنوية بدلاً من الفصلية، نظراً لتأثر كل فصل بمتغيرات وظروف طارئة. وفي سياق متصل، تطرق والي بنك المغرب إلى مشكل السيولة المرتفعة وارتفاع مستوى التداول النقدي (الكاش). وأوضح أن البنك المركزي قد انتهى من إعداد دراسة شاملة حول هذه المعضلة المالية، وتم إرسال نسخ منها إلى عدد من المؤسسات المعنية، بما في ذلك كتابة الدولة المكلفة بالميزانية العامة، وذلك بهدف الحصول على آرائهم ومقترحاتهم خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين. الهدف من هذه الدراسة هو إيجاد حلول جذرية للحد من الآثار السلبية لهذه الظاهرة على الناتج الداخلي الخام وفرص تمويل الاقتصاد الوطني. من جهة أخرى، نبه الجواهري إلى أن بنك المغرب لا يمتلك حلاً سحرياً لمعالجة مشكلة تزايد تداول "الكاش" والسيولة، التي غالباً ما لا تتجاوز 150 مليار درهم، بينما تصل الضمانات لدى البنوك إلى 450 مليار درهم. وأشار إلى أن مصالح البنك المركزي تتابع بشكل مستمر مؤشرات ومستويات السيولة البنكية والموجودات النقدية، التي تشهد تقلبات مستمرة. واعتبر أن ارتفاع رواج "الكاش" له أسباب وأبعاد متعددة، ويتطلب مقاربة شمولية تشمل جميع الفاعلين، من مواطنين وبنوك وقطاعات عامة وخاصة. كما شدد على أن السياسة التي تم اتباعها منذ عام 2022، والمتمثلة في "السماح"، لم تنجح في دمج الكم الكبير من النقد المتداول في الدورة البنكية.
يواجه الاقتصاد المغربي تحديين رئيسيين يتمثلان في دقة إحصاءات سوق الشغل وضخامة السيولة النقدية المتداولة. ويؤكد بنك المغرب على ضرورة إعادة تقييم المنهجيات المتبعة، والبحث عن حلول شاملة بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية، لضمان استقرار الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته.