خطت المملكة المغربية خطوة تاريخية بانضمامها إلى قائمة الدول المصدقة على معاهدة الأمم المتحدة بشأن أعالي البحار، المعروفة رسميًا باسم "الاتفاق في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري واستخدامه المستدام في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية". هذا الانضمام الحيوي مكّن الاتفاقية من تجاوز عتبة 60 تصديقًا، مما يضمن دخولها حيز التنفيذ في يناير المقبل، وهو ما اعتبره الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "إنجازًا تاريخيًا" في مواجهة الأزمات البيئية العالمية.
أعلنت الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي عن انضمام كل من المغرب وسيراليون إلى قائمة الدول المصدقة على هذه المعاهدة الهامة، لتصبحا بذلك الطرف الستين والحادي والستين في هذا الاتفاق الذي تم اعتماده في يونيو 2023 بعد عقدين من المفاوضات. وقد أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بهذا التطور عبر حسابه الرسمي على موقع "إكس"، واصفًا الاتفاقية بأنها "شريان حياة للمحيط وللإنسانية" في ظل الأزمة الكوكبية الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث. ودعا غوتيريش جميع الدول الأعضاء المتبقية في الأمم المتحدة إلى الانضمام للمعاهدة دون تأخير. وبالمثل، أشادت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، بهذا الإنجاز، مؤكدة أن "محيتنا هو أساس وجودنا ذاته" وأن الخطوة تمثل "خطوة مهمة نحو إنقاذ محيطنا، وإنقاذ مستقبلنا". ستُمكّن هذه الاتفاقية الدول الأطراف من إنشاء شبكة من المناطق البحرية المحمية في أعالي البحار، مما يساهم في تحقيق الهدف العالمي المتمثل في الحفاظ على 30% من المحيطات بحلول عام 2030، وهو هدف تبنته حوالي 200 دولة في إطار العمل العالمي للتنوع البيولوجي. وقد وصفت ريبيكا هوبارد، مديرة "تحالف أعالي البحار"، هذه اللحظة بأنها "ثمرة سنوات من الالتزام والدبلوماسية العالمية"، وأن الاتفاقية "دليل قوي على فعالية التعددية". من جانبها، اعتبرت نيكولا كلارك، مسؤولة في مؤسسة "بيو" الخيرية، أن الاتفاقية "تواصل العمل كمنارة أمل" وتبرز "قوة التعددية"، مشيرة إلى "السرعة التي تحولت بها من اعتمادها إلى دخولها حيز التنفيذ". وأضافت كلارك أن تنفيذ الاتفاقية سيمكن العالم من "حماية المواقع المهمة في أعالي البحار، التي تحتوي على بعض أكبر مخزونات التنوع البيولوجي على كوكب الأرض". وشددت على ضرورة مواصلة الدول تمهيد الطريق للتنفيذ السريع للاتفاقية لضمان مستقبل مزدهر للحياة البرية والمجتمعات التي تعتمد على محيط صحي.
يُعد انضمام المملكة المغربية إلى معاهدة الأمم المتحدة بشأن أعالي البحار علامة فارقة في الجهود العالمية لحماية المحيطات والتنوع البيولوجي البحري. وتؤكد هذه الخطوة على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات البيئية الملحة، وتفتح الباب أمام إنشاء مناطق بحرية محمية واسعة النطاق، مما يساهم في تحقيق أهداف الاستدامة البحرية العالمية وضمان مستقبل صحي للكوكب.