كتاب جديد يستعيد "محاضرة في إصلاح التعليم العربي" للفقيه محمد بن الحسن الحجوي

صورة المقال 1

يُسلط كتاب جديد الضوء على إسهامات الفقيه المغربي الراحل محمد بن الحسن الحجوي في مجال إصلاح التعليم، وذلك من خلال إعادة نشر "محاضرة في إصلاح التعليم العربي" التي تعود إلى عشرينيات القرن الماضي. كان الحجوي، الذي تولى رئاسة مجلس الشريعة الأعلى، صاحب رؤية تقدمية للتعليم، داعياً إلى تطوير مناهجه وتوسيع نطاقه ليشمل مختلف فئات المجتمع.


الكتاب الجديد، الصادر عن "مركز آفاق للعلوم الإنسانية والاجتماعية"، هو تحيين وتصحيح لدراسة سابقة أنجزها الباحث نور الدين أحميان. يتضمن الكتاب ضبطاً لمخطوط المحاضرة وتعليقات مهمة على قضايا أبرزها الحجوي، مثل تعليم الفتيات، وتدريس اللغات الحية والعلوم العصرية، وانتقاده لأساليب التلقين والحفظ، ودعوته للاهتمام بالفكر والنظر. يقارن أحميان في تعليقاته بين آراء الحجوي ومواقف رواد الإصلاح الآخرين في المغرب والعالم العربي. يشرح أحميان أن هذا الإصدار هو ضبط لمخطوط المحاضرة وليس تحقيقاً كاملاً، نظراً لوجود نسختين للمخطوط، إحداهما كاملة والأخرى ناقصة. يوضح الكتاب رؤية الحجوي لإصلاح التعليم الأولي (الكتاتيب) ونظام التعليم برمته في المغرب خلال فترة الحماية. كما يكشف عن مقارنات بين أفكار الحجوي وأفكار معاصريه مثل القاضي والوزير أحمد الرهوني، والقاضي والأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي. من بين النقاط البارزة التي يدافع عنها الحجوي في محاضرته، هي ضرورة إعداد برامج تعليمية خاصة بالمدارس المغربية، بدلاً من الاعتماد على حفظ النصوص التراثية مثل ألفية ابن مالك. يدعو إلى تطوير مؤلفات مدرسية مخصصة لكل مستوى دراسي، وإصلاح نظام جامعة القرويين لتأهيل كوادر قادرة على الإشراف على تسيير الدولة. كان الحجوي يرى في تعلم اللغات الأوروبية سبيلاً لتمكين المغاربة من العلوم الحديثة، وذلك في سياق فترة الحماية والاستعمار.

يؤكد الباحث نور الدين أحميان أن الحجوي كان غزير الإنتاج، وأن هناك حاجة لمزيد من الجهود لإخراج ونشر العديد من مؤلفاته التي لم تحقق أو تنشر بعد، مما يؤكد على أهمية الاستمرار في استكشاف تراثه الغني لفهم أعمق لتاريخ الفكر الإصلاحي في المغرب.