المغرب: انخفاض مخزون السدود إلى 33.2% مع تباينات صارخة بين الأحواض المائية

صورة المقال 1

في ظل التحديات المائية المتزايدة التي تواجه المملكة، كشفت أحدث البيانات الرسمية حول وضعية الموارد المائية بالمغرب عن انخفاض إجمالي لمخزون السدود ليصل إلى 5568 مليون متر مكعب، وهو ما يمثل نسبة 33.2% فقط من الطاقة الاستيعابية الإجمالية. وتُبرز هذه الأرقام تباينًا ملحوظًا في مستويات الملء بين مختلف الأحواض المائية، حيث تتمتع بعض المناطق بوضعية مائية مستقرة نسبيًا، بينما تغرق أخرى في عجز مائي خطير يهدد الأمن المائي والغذائي.


تصدر حوض أبي رقراق قائمة الأحواض الأكثر امتلاءً، حيث بلغت نسبة الملء الإجمالية لسدوده 63.3%، بما يعادل 685.2 مليون متر مكعب. ويعود الفضل في هذا الاستقرار المائي بشكل أساسي إلى سد سيدي محمد بن عبد الله، الذي وصلت نسبة ملئه إلى 67%، ويحوي لوحده أكثر من 95% من المياه المخزنة في الحوض، أي 653.5 مليون متر مكعب. ومع ذلك، تظهر السدود الأصغر في الحوض نسب ملء أقل بكثير، مثل سد تامسنا (35%)، وسد المالح (26%)، وسد الحمر (13%). في المرتبة الثانية يأتي حوض اللوكوس بنسبة ملء إجمالية تبلغ 48.9%، وحقينة مائية قدرها 935.1 مليون متر مكعب. وتشهد سدود هذا الحوض تباينًا كبيرًا، إذ سجل سد شفشاون نسبة 88%، وسد الشريف الإدريسي 86%، بينما بلغ سد واد المخازن، الذي يضم أكبر حصة مائية، 79%. في المقابل، تعاني سدود استراتيجية أخرى من عجز واضح، كسد ابن بطوطة (19%) وسد دار خروفة (14%). بلغت نسبة الملء الإجمالية لسدود حوض كير-زيز-غريس المائي 48.7%، بمخزون مائي إجمالي يصل إلى 261.8 مليون متر مكعب. يتركز هذا المخزون في سدين رئيسيين: سد حسن الداخل بنسبة ملء 58% (183.1 مليون متر مكعب)، وسد قدوسة بنسبة 35% (78.7 مليون متر مكعب). على الرغم من احتواء حوض سبو على أكبر سدود المغرب، إلا أن نسبة الملء الإجمالية لسدوده بلغت 44%، بحقينة إجمالية قدرها 2448.6 مليون متر مكعب. وتشير الأرقام إلى أن السدود الصغيرة شارفت على الامتلاء، كسد علال الفاسي (98%)، بينما تسجل السدود الكبرى نسبًا أقل: سد الوحدة (46%)، سد إدريس الأول (37%)، وسد القنصرة (23%). سجلت سدود حوض تانسيفت نسبة ملء إجمالية بلغت 41.2%، بحقينة مائية قدرها 93.7 مليون متر مكعب. يتصدر سد سيدي امحمد بن سليمان الجزولي القائمة بنسبة ملء 78%، بينما يسجل سد لالة تاكركوست الاستراتيجي أدنى مستوى في الحوض بنسبة 17%. تُظهر الأرقام حالة إجهاد مائي متفاوتة الخطورة، تتمركز بشكل خاص في الأحواض الجنوبية والشرقية والوسطى. ففي حوض درعة واد نون، لا تتجاوز نسبة الملء 29%، وتنخفض إلى 26.8% في حوض ملوية. ويزداد الوضع حرجًا في حوض سوس ماسة الذي يسجل 18% فقط. أما حوض أم الربيع فيعاني من الوضعية الأكثر خطورة على الصعيد الوطني، حيث انهارت نسبة الملء إلى 10.3% فقط، مما يضع هذه المناطق في قلب أزمة المياه التي تواجهها المملكة.

تعكس هذه المعطيات المائية الخطيرة واقعًا يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لمواجهة شح المياه. إن التفاوتات الصارخة بين الأحواض المائية تستدعي خططًا متخصصة لمعالجة العجز المائي في المناطق الأكثر تضررًا، مع ضرورة ترشيد الاستهلاك، وتطوير البنى التحتية للموارد المائية، وتبني سياسات مستدامة لضمان الأمن المائي والغذائي للمملكة على المدى الطويل.