في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية والمحاسبة، انطلقت موجة جديدة من عمليات التفتيش التي تشرف عليها المفتشية العامة للإدارة الترابية. وتستهدف هذه العمليات في المقام الأول جماعات تقع في ضواحي المدن الكبرى، مثل طنجة، الدار البيضاء، مراكش، والرباط. وقد بدأت أولى هذه الزيارات في أقاليم ضواحي العاصمة الاقتصادية التي لم تشملها الموجة الأولى من عمليات التفتيش.
أفادت مصادر مطلعة لجريدة "هسبريس" بأن المفتشية العامة للإدارة الترابية قد قامت ببرمجة عمليات تفتيش جديدة تستهدف مجموعة من الجماعات الواقعة في ضواحي المدن الكبرى. وتشمل هذه المدن كلاً من طنجة، الدار البيضاء، مراكش، والرباط. وقد بدأت أولى الزيارات التفتيشية في جماعات ضمن النفوذ الترابي لأقاليم ضواحي العاصمة الاقتصادية، والتي لم تحظ بالزيارة في الموجة الأولى من عمليات التفتيش. وقد حلت لجنة تفتيش مركزية بجماعة الكارة التابعة لإقليم برشيد، وبدأت في تنفيذ عمليات افتحاص دقيقة شملت عدداً من المصالح الجماعية. وأكدت المصادر ذاتها أن هناك مهام تفتيش مرتقبة موجهة إلى جماعات أخرى في إقليم برشيد، حيث ستستهل اللجان المركزية زيارة مرتقبة إلى جماعة الدروة، التي يواجه ثلاثة من رؤسائها، بمن فيهم الرئيس الحالي ووالده، متابعات قضائية في ملفات وتهم مختلفة. وتشير التقارير إلى أن عمليات التفتيش ستطال أيضاً جماعة حد السوالم في الإقليم نفسه. وكشفت مصادر "هسبريس" عن امتداد زيارات لجان التفتيش، ضمن الجدول المسطر، إلى جماعتي أولاد صالح والنواصر بإقليم النواصر. كما ستشمل مهام المفتشين جماعتي سيدي حجاج واد حصار وتيط مليل بإقليم مديونة. وأكدت المصادر أن البرمجة الجديدة، التي أشرف عليها الوالي المفتش العام محمد فوزي، قد ارتكزت على تقارير ومؤشرات تشير إلى وجود اختلالات وخروقات مالية وإدارية خطيرة في تسيير بعض الجماعات. كما شددت على أن العملية استهدفت أيضاً قطع الطريق على التأويلات المتعلقة بشبهات "التحيز في تفتيش الجماعات". وفي سياق متصل، أوضحت مصادر "هسبريس" أن صدور أحكام قضائية في حق رؤساء جماعات ومستشارين بمجالسها، وتورط عدد منهم في حالات تضارب مصالح تستوجب إجراءات العزل أو سحب العضوية، يعد من الأسباب الموضوعية لإدراج جماعات ترابية، لا سيما في جهة الدار البيضاء- سطات، على جداول التفتيش. وقد أثار هذا الأمر تساؤلات حول الجهات التي تحظى بالحماية وتسقط من أجندة زيارات لجان المفتشية العامة للإدارة الترابية. وأبرزت المصادر أن مصالح الإدارة المركزية تلقت شكايات من مستشاري المعارضة في المجالس الجماعية، حملت مطالب بتفعيل مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات، خاصة في حالات التلاعب بالموارد الضريبية ومنح رخص أحادية. يُشار إلى أن قرارات صادرة عن محكمة النقض قد فرضت في بعض الحالات على المصالح المختصة البدء في إجراءات تجريد بعض المستشارين من عضويتهم في المجالس، وذلك بعد اعتبارهم فاقدين للأهلية إثر صدور قرارات بعزلهم من الرئاسة والعضوية. ويستند هذا الإجراء إلى ملتمسات العمال وتفعيل لمقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 14.113، لا سيما حينما يرفض المعنيون تقديم إيضاحات مكتوبة حول الأفعال المنسوبة إليهم. وزودت الإدارة المركزية لجان التفتيش، وفقاً لمصادر الجريدة، بقوائم رؤساء جماعات، بعضهم يخضع للطعن في ترشحه بالغرفة الإدارية في محكمة النقض، مثل رئيس جماعة الدروة الحالي، الذي يُنظر في ملفه الخميس المقبل. كما تشمل القوائم أسماء آخرين متورطين في خروقات تستوجب تفعيل مسطرة العزل من قبل الولاة والعمال، دون أن يتم تنفيذها. وأضافت المصادر أن القوائم شملت أيضاً رؤساء سابقين تمكنوا من الترشح مجدداً والعودة إلى تسيير المجالس، رغم صدور أحكام نهائية بعزلهم، حائزة لقوة الشيء المقضي به من أعلى درجات القضاء الإداري.
تأتي هذه العمليات التفتيشية في إطار سعي المفتشية العامة للإدارة الترابية إلى ضمان حسن سير الإدارة المحلية ومحاربة كافة أشكال الاختلالات والفساد، مؤكدة على الشفافية والنزاهة في تسيير شؤون الجماعات الترابية.