أعلنت النقابة الوطنية للتعليم العالي عن خوض برنامج نضالي تصعيدي، يبدأ بإضراب وطني إنذاري لمدة 24 ساعة يوم 17 شتنبر الجاري، تعقبه أشكال احتجاجية تصعيدية متنوعة، وذلك في ظل ما وصفته بـ"ظرفية دقيقة يعرفها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي".
وأشارت النقابة، في بيان لها، إلى أن لجنتها الإدارية فوضت للمكتب الوطني صلاحية تدبير وتوسيع البرنامج النضالي وفق تطورات الملف، مع الإبقاء على اجتماعها مفتوحا. وجاء هذا القرار بعد انعقاد اللجنة الإدارية يوم الأحد 14 شتنبر بكلية العلوم بالرباط. وعن أسباب الاحتجاج، أوضح البيان أن "الظرفية جاءت مطبوعة بتمرير مشروع القانون 59.24 في تغييب تام لمبدأ المنهجية التشاركية". واعتبرت النقابة أن هذا المشروع "خطوة خطيرة تستهدف جوهر الجامعة العمومية عبر تكريس التهميش وفتح الباب أمام بدائل مؤدى عنها، بما يشرعن الخوصصة داخل النظام الجامعي ويهدد مجانية التعليم العالي ويضعف استقلاليته وديمقراطيته". وأضاف البيان أن هذا المشروع "يحول مجالس الجامعات إلى هياكل شكلية أو استشارية فقط، ويعمق واقع التشتت المؤسساتي والبلقنة". كما أكد البيان أن "الوضع يزداد تأزما مع تنصل الوزارة الوصية من التزاماتها السابقة تجاه النقابة الوطنية للتعليم العالي، وفي مقدمتها فتح حوار جاد حول ورش الإصلاح الشمولي لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي". وأشار إلى أن الوزارة "تواصل نهجها الأحادي في تنزيل دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية، في مسعى لفرض تغيير قواعد الحكامة الجامعية دون إشراك الهياكل المنتخبة، وهو ما يشكل استخفافا بأدوارها وتجاوزا للطابع التشاركي الضروري لأي إصلاح حقيقي". وأشارت الوثيقة نفسها إلى "إقدام وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على إغلاق باب الحوار في وجه النقابة، واعتمادها سياسة التدبير الأحادي في مختلف الملفات، فضلا عن تراجعها عن عدد من الاتفاقات السابقة المبرمة مع الحكومة، وفي مقدمتها اتفاق 20 أكتوبر 2022، وهو ما يمس بهوية ومكانة مراكز تكوين الأطر العليا التابعة للوزارة ويهدد دورها الأكاديمي والتكويني في المنظومة التعليمية". وخلصت اللجنة الإدارية إلى "رفض مشروع القانون 59.24 بصيغته الحالية، لما يحمله من مخاطر تمس هوية الجامعة العمومية، وتهدد استقلاليتها ومجانيتها، وتفتح الباب أمام الخوصصة والتراجع عن مكتسبات التعليم العالي العمومي". وطالبت الحكومة بـ"تجميد المشروع من مسطرة المصادقة وإعادته إلى طاولة الحوار مع النقابة الوطنية للتعليم العالي باعتبارها شريكا أساسيا في كل ما يخص إصلاح القطاع". كما أكدت اللجنة الإدارية على "أولوية الاستجابة الفورية للملف المطلبي المشروع للأساتذة الباحثين، وفي مقدمته التسوية العاجلة لملف الدكتوراه الفرنسية، وتسوية ملف الترقية في الدرجة لسنة 2023 والإسراع بملفات 2024 و2025، واحتساب الأقدمية العامة المكتسبة في الوظيفة العمومية، وتعميم تسع سنوات من الأقدمية الاعتبارية أسوة بزملاء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان". وشددت النقابة على "مراجعة جداول الأرقام الاستدلالية، وإعفاء تعويضات البحث العلمي من الضريبة، وتخفيض سنوات الترقي وتقليص آجال تغيير الإطار، وحصر التسيير الإداري للمؤسسات الجامعية في هيئة الأساتذة الباحثين، فضلا عن ضمان مبدأ المساواة في التمويل بتمكين الجامعات العمومية من القيمة المالية نفسها التي تمنح للجامعات الخاصة، وتحقيق العدالة بين المؤسسات الجامعية بتمكين مؤسسات الاستقطاب المحدود من فتح تكوينات في الماستر والدكتوراه على غرار باقي المؤسسات". وطالبت النقابة بـ"التسوية العاجلة لوضعية الأساتذة الباحثين العاملين بمراكز التكوين التابعة لوزارة التربية الوطنية والمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، بما يضمن إنصافهم وإدماجهم في المنظومة الجامعية الوطنية". ودعت إلى "عقد اجتماع لمجلس التنسيق القطاعي لمراكز تكوين الأطر العليا لوزارة التربية الوطنية يوم 30 شتنبر الجاري من أجل تحديد الخطة النضالية المناسبة". وأكد البيان أن "أي إصلاح للتعليم العالي يجب أن يستند إلى مرتكزات واضحة تتمثل في التوحيد، الاستقلالية، الديمقراطية، الحكامة الجيدة والمجانية، مع رفض أي محاولة لتبخيس دور مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعة أو تهميشها". واختتمت اللجنة الإدارية أشغالها بـ"التشديد على ضرورة الرفع من الميزانية المخصصة للبحث العلمي بما ينسجم مع المعايير الدولية، وتوفير البنيات الأساسية للبحث والابتكار وتحسين ظروف عمل فرق البحث، باعتبار ذلك مدخلا أساسيا للنهوض بالجامعة المغربية وتعزيز مكانتها وطنيا ودوليا". وأكدت النقابة الوطنية للتعليم العالي موقفها "الثابت واللامشروط في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع ضد الاحتلال الصهيوني، وتدين بشدة المجازر الوحشية التي يتعرض لها سكان غزة والضفة الغربية". وشددت على أن "الجامعة المغربية، بأساتذتها وطلبتها، كانت وستظل في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية العادلة". وأعلنت رفضها "جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، بما في ذلك التطبيع الأكاديمي"، داعية الجامعات المغربية إلى "الالتزام بواجب المقاطعة الأكاديمية الشاملة، انسجاما مع الموقف المبدئي والثابت للنقابة الوطنية للتعليم العالي". وفيما يتعلق بالدخول الجامعي، دعت النقابة جميع الأستاذات والأساتذة إلى "الاستمرار في العمل وفق المسالك المعتمدة خلال السنة الجامعية الماضية ودفتر الضوابط البيداغوجي (2023/2024)"، وذلك "ضمان شروط سليمة لانطلاق الدخول الجامعي، وفي انتظار مآلات الحوار مع الوزارة". وأكدت اللجنة الإدارية "تمسكها بمقاطعة أي تعديل أو إجراء بيداغوجي ما لم تُتح للشعب والهياكل الجامعية إمكانية التعبير عن آرائها ومقترحاتها في إطار مقاربة تشاركية حقيقية تضمن إشراك جميع الفاعلين، وصياغة إصلاح بيداغوجي متوافق عليه مع النقابة الوطنية للتعليم العالي".
تؤكد النقابة الوطنية للتعليم العالي على رفضها القاطع لمشروع القانون 59.24 وتطالب بتجميده وإعادته إلى طاولة الحوار. كما تشدد على ضرورة الاستجابة لمطالب الأساتذة الباحثين والنهوض بالبحث العلمي، مع التأكيد على دعمها الثابت للقضية الفلسطينية ورفضها للتطبيع الأكاديمي.