بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية، الذي يوافق 15 سبتمبر من كل عام، أطلقت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان دعوة صريحة لإشراك المجتمع المدني في عملية إصلاح المنظومة الانتخابية بالمغرب. تأتي هذه الدعوة في ظل تحديات دولية تواجه الديمقراطيات، وتردي الأوضاع في بعض الدول نحو السلطوية، مما يستدعي جهوداً مضاعفة لتعزيز الديمقراطية كشرط للتنمية والسلام وحماية الكرامة الإنسانية.
أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بلاغاً بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية، أكدت فيه على أهمية إشراك المجتمع المدني في إصلاح المنظومة الانتخابية وتقديم مقترحات أولية لوزارة الداخلية. وتأتي هذه الدعوة في سياق دولي يتسم بتحديات جسيمة تواجه المسارات الديمقراطية، حيث تشهد بعض الدول ترسيخاً لقيم المشاركة والشفافية، بينما تعاني دول أخرى من انتكاسات حادة تهدد الحريات ودور المجتمع المدني. وأوضحت العصبة أن هذا اليوم يأتي في وقت يشهد فيه المغرب نقاشاً عمومياً محتدماً حول مستقبل الديمقراطية التمثيلية وآليات تجويدها، خاصة من خلال إصلاح المنظومة الانتخابية. وتبرز المعطيات الواقعية الحاجة إلى استمرار توسيع فضاءات الحريات وضمان استقلالية القضاء والارتقاء بأدوار المجتمع المدني. وأشارت العصبة إلى ملاحظات أجمعت عليها الهيئات الحقوقية المغربية والدولية، تعكس واقعاً مزدوجاً يتأرجح بين تقدم تشريعي ومؤسساتي، وتعثرات في الممارسة الديمقراطية الفعلية. وسجلت العصبة تصنيف المغرب ضمن الأنظمة 'الهجينة' في تقرير مؤشر الديمقراطية لسنة 2024، محتلاً المرتبة 91 عالمياً. وفي هذا الإطار، أكدت العصبة على أنها قامت بصياغة مذكرة أولية لوزير الداخلية، عبرت فيها عن قناعتها الراسخة بأن أي إصلاح ديمقراطي لن يحقق أهدافه إلا عبر إشراك حقيقي وواسع للمجتمع المدني، باعتباره رافعة أساسية لترسيخ الشرعية وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات. وتضمنت مذكرة العصبة مقترحات لضمان انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تشمل معالجة إشكالات التقطيع الانتخابي، وتشديد شروط الترشح وربطها بالنزاهة والكفاءة، وتعزيز حضور النساء والشباب والأشخاص في وضعية إعاقة ومغاربة العالم، وضمان شفافية تمويل الحملات، وتكافؤ الولوج إلى الإعلام العمومي، وإرساء آليات ناجعة للرقابة ومكافحة الفساد الانتخابي. وشددت العصبة على أن اقتصار وزارة الداخلية على التشاور مع الأحزاب السياسية دون غيرها من الفاعلين الجمعويين والأكاديميين يكرس فكرة أن الانتخابات هي شأن حزبي صرف، مما قد يؤدي إلى إقصاء مكونات المجتمع وتوسيع هوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات. واعتبرت العصبة أن إشراك الجمعيات الحقوقية في المشاورات المرتبطة بإصلاح المنظومة الانتخابية هو ضرورة ديمقراطية وحقوقية حتمية، نظراً لقربها من انشغالات المواطنين وخبرتها في مراقبة الانتخابات ورصد الاختلالات، مما يساهم في إغناء النقاش العمومي وتقديم مقترحات عملية تضمن شفافية ونزاهة الاستحقاقات المقبلة.
تختتم العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بلاغها بالتأكيد على أن حضور الجمعيات، وخاصة الحقوقية، في مشاورات إصلاح المنظومة الانتخابية يعزز الشرعية المجتمعية لأي إصلاح، ويجعل نتائجه أكثر قبولا لدى الرأي العام، ويفتح الباب أمام تمثيل تطلعات الفئات المهمشة. وتجدد دعوتها لفتح قنوات حقيقية للحوار مع المجتمع المدني، وإعطاء الأولوية لمقاربة تشاركية تجعل الإصلاح الانتخابي مدخلاً لبناء ديمقراطية قوية ومستدامة.