كتاب جديد حول إمارة المؤمنين ودورها في تحقيق الحياة الطيبة

صورة المقال 1

صدر مؤخرًا عن دار نشر مغربية كتاب جديد بعنوان “إمارة المؤمنين ودورها في تحقيق الحياة الطيبة: منطلقات التأصيل ومقومات التنزيل”، من تأليف الدكتور أمين انقيرة، الإمام المرشد بالمجلس العلمي المحلي بمراكش، والدكتور ياسين بن روان، عضو المجلس العلمي المحلي بالعيون، وذلك في مجلد من 400 صفحة، يتطرق فيه المؤلفان إلى أدوار مؤسسة إمارة المؤمنين في ترسيخ التدين المغربي الوسطي وتحقيق مقومات الحياة الطيبة في سياق العصر. افتتح الكتاب بإهداء موجه إلى أمير المؤمنين الملك محمد السادس، واختُتم ببرقية ولاء وإخلاص، وجاء في مقدمته أن اختيارات المغرب في مجال التدين ساهمت في إنتاج نموذج متوازن في تبليغ الدين، نموذج يتسم بالمرونة ويراعي الظروف والمآلات دون تفريط في الأصول، وهو ما مكّن من بناء تجربة دينية مغربية أصيلة راسخة في العقيدة والفقه والسلوك.


ويُبرز العمل أن الهوية الدينية المغربية ترتكز على ثلاثة ثوابت رئيسية: العقيدة الأشعرية التي تمثل الوسطية في التصور العقدي وتنبذ الغلو والتكفير، والمذهب المالكي الذي يجمع بين صرامة الالتزام في العبادات ومرونة المعاملات، والتصوف السني الذي يمثل الامتداد الأخلاقي والروحي لهذه البنية المتماسكة. ويعتبر المؤلفان أن نظام إمارة المؤمنين هو الضامن لوحدة هذه المكونات الثلاث، من خلال حراسة أصولها وتوجيه تنزيلها في الواقع، بما يضمن استمرار التوازن والاعتدال في المجتمع. وتوزع الكتاب إلى ثلاثة فصول رئيسية. تناول الفصل الأول مفهوم “الحياة الطيبة” في القرآن والسنة، باعتبارها ثمرة للإيمان الصادق والعمل الصالح، وتوقف عند ثمرات العبادة في حياة الفرد والمجتمع، مستعرضًا مشاهد من السيرة النبوية تُجسد هذا المفهوم في الواقع العملي، مثل مشهد بيعة الرضوان وغزوة بدر والإسراء والمعراج، وغيرها من المحطات المضيئة. كما تناول أثر الأركان الخمسة في تحقيق الحياة الطيبة، بالإضافة إلى جهود المجالس العلمية والعلماء والخطباء في تبليغ قيم الدين وترسيخها في المجتمع. أما الفصل الثاني، فقد خُصّص لعرض نماذج من عناية أمير المؤمنين الملك محمد السادس بالشأن الديني، من خلال رعايته للشعائر الدينية الكبرى كصلاة الجمعة، وليالي رمضان، والمولد النبوي، والحج، إضافة إلى عنايته بالقيمين الدينيين، والزوايا، والمدارس العتيقة، ومصادر الوحي، وتنظيم الفتوى. كما وقف المؤلفان على المبادرات الملكية في تشجيع الكفاءات الدينية والعلمية من خلال الجوائز والتكريمات. فيما تطرق الفصل الثالث إلى مشروع “تسديد التبليغ” الذي يُعتبر من صلب المهام الدينية لمؤسسة إمارة المؤمنين، من خلال ضبط المرجعية الدينية وتأطير الخطب الموحدة، وترسيخ ثوابت الأمة في العقيدة والمذهب والسلوك. وتناول هذا الفصل أبعاد التبليغ الرشيد، وربطه بقيم المواطنة الصالحة والتضامن ومراعاة حرمات الله ومحبة الوطن، بما يحقق الأمن الروحي ويسهم في بناء الإنسان.

الكتاب يُعد مساهمة علمية في سياق تعزيز الهوية الدينية المغربية وتوثيق دور إمارة المؤمنين في ترشيد التدين وربط الدين بالحياة، ضمن منظور شمولي يزاوج بين التأصيل الفقهي والفكري والتنزيل الواقعي. وقدّم لهذا العمل الدكتور عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي ثمّن الجهد العلمي المبذول في رصد مسارات التجربة المغربية في تدبير الشأن الديني، وربطها بمقاصد الدين الكبرى.