في خطوة بارزة نحو تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل، صادقت اللجنة الجهوية للاستثمار بجهة طنجة تطوان الحسيمة مؤخراً على مشروع صناعي ألماني هام بمدينة وزان. يأتي هذا القرار، الذي يمهد الطريق لترخيص حكومي استثنائي، ليضع نهاية للغموض والجدل الذي اكتنف ملف المشروع منذ بدايته، ويشكل مؤشراً قوياً على الثقة في إمكانات الإقليم ودوره في التنمية الاقتصادية.
يمثل المشروع الصناعي الألماني في وزان استثماراً استراتيجياً من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة. وقد أكدت فاطمة الحساني، مستشارة برلمانية، أن هذا الملف قد اجتاز مرحلة حاسمة ودقيقة، محظياً بالإجماع داخل اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، مما يفتح الطريق نحو الترخيص الاستثنائي الذي يعتمده رئيس الحكومة. هذا التوجه يبعث برسالة طمأنة للمستثمرين ويمنح وزان أملاً كبيراً في الإقلاع التنموي. وتستند هذه الموافقة إلى المقتضيات الجديدة لقانون المراكز الجهوية للاستثمار، التي تسمح بدراسة المشاريع في إطار لجنة الاستثناءات. وقد أشارت الحساني إلى أن المشروع أصبح "أمراً واقعاً" بالإجماع، مشددة على أهميته القصوى في دفع مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة في الحد من البطالة وفتح آفاق جديدة للشباب. كما عبرت عن امتنانها للدعم على أعلى المستويات، بما في ذلك مواكبة رئيس الحكومة وجهود الحكومة في تسريع المساطر. من جهة أخرى، أشارت الحساني إلى التحديات الكبيرة التي تواجه الاستثمار في "المغرب العميق"، داعية أبناء وزان والمغاربة المقيمين بالخارج إلى العودة للاستثمار في الإقليم. وأبرزت أن قصة هذا المشروع تعكس مسار الاستثمار في المغرب، من التعثر إلى الانفراج بفضل التشريعات الجديدة والتوجهات الملكية الداعمة للاستثمار الخاص. وقد جاء الخطاب الملكي الأخير ليؤكد على ضرورة توحيد التراب الوطني تنموياً وسد الفجوة بين المركز والهامش. تاريخياً، بدأت قضية المستثمر الألماني في مطلع عام 2022، حيث تقدم مواطن ألماني برغبة في إقامة وحدة لصناعة المحركات الكهربائية. إلا أن المشروع اصطدم بعقبات تعميرية، خاصة وأن العقار المقترح كان يقع في منطقة فلاحية، بالإضافة إلى غياب تصميم تهيئة لمدينة وزان. وعلى الرغم من هذه العراقيل، أبدى المستثمر تشبثه بالمشروع، مستفيداً من القانون الجديد الذي يتيح دراسة المشاريع في إطار لجنة الاستثناءات. في هذا السياق، أكد رئيس مجلس جماعة وزان، محمد الهلاوي، أن المشروع يسير في الطريق الصحيح، خاصة بعد الموافقة والإجماع الذي حظي به من اللجنة الجهوية للاستثمار. وقد فنّد الهلاوي الشائعات حول عدم توفر الوعاء العقاري على التجهيزات الأساسية، مؤكداً التزام المستثمر بربط الوحدة الصناعية بالماء والكهرباء، واستخدام الطاقة المتجددة، وإنشاء محطة لمعالجة المياه. كما أشار إلى برمجة أشغال تهيئة الطرق لربط الوحدة بالشبكة الطرقية، وأن الدراسات المنجزة لم تسجل أي أنشطة ملوثة. تُقدر حجم استثمارات المشروع بحوالي 12 مليار سنتيم، ومن المتوقع أن يرى النور قريباً بعد صدور الترخيص الاستثنائي الرسمي من قبل رئيس الحكومة، مما يعكس ثمرة جهود مستمرة وإيمان جماعي بضرورة إنصاف إقليم وزان وإدماجه في الدينامية الاستثمارية الوطنية.
يشكل مشروع الاستثمار الصناعي الألماني في وزان نموذجاً ناجحاً للتغلب على التحديات البيروقراطية والتعميرية، بفضل التعاون بين مختلف الجهات المعنية وتطبيق المقتضيات القانونية الجديدة. إنه بمثابة بشرى سارة لسكان وزان، حيث سيساهم في خلق فرص شغل حقيقية، وتحفيز الاستثمار، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في منطقة كانت تعاني من التهميش النسبي. هذا المشروع يعكس رؤية واضحة نحو تحقيق تنمية متوازنة وشاملة في مختلف أقاليم المملكة.