في زمن تتزايد فيه قيود الكتابة الأدبية، يبرز الأستاذ الباحث والمفكر الدكتور عادل الجوهري بعمله الاستثنائي "الشر الخفي" (le mal qui rôde)، وهو نص أدبي فريد يرفض الانتماء لأي جنس أدبي معروف، ولا يخضع للقوالب التقليدية. إنه عمل مفتوح على الاحتمالات، عميق في طرحه، يستكشف العتمة النفسية ويقارن الشر بصمت مهيب.
يخاطب هذا المؤلف القرّاء الباحثين عن تجربة أدبية مختلفة تتجاوز الأشكال التقليدية، والدارسين والنقاد المهتمين بنظرية الأجناس الأدبية والهجينة منها. كما يستقطب عشاق الأدب الغامض، التأملي، والمتداخل مع الفلسفة وعلم النفس، بالإضافة إلى طلبة وأساتذة الآداب المعاصرة، خصوصاً في مستويات الماستر والدكتوراه. صدر هذا المؤلف عن منشورات مطبعة الوطنية بمراكش، ويتناول أفكاراً جديدة، أبرزها مفهوم "الشر الذي لا يرى"، حيث لا يمنح الكاتب للشر شكلاً واضحاً أو ملامح محددة. إنه شر صامت، متخفٍ، لكنه حاضر بقوة، يتسلل إلى الوعي ويهيمن على الحاضر والماضي والمستقبل. كما يقارب النص الحدود الغامضة بين الواقع واللاواقع، حيث يتلاعب بإدراك القارئ، فيتردد بين ما إذا كان يقرأ تجربة واقعية أم كابوساً داخلياً، نظراً للتداخل الدائم بين الحقيقي والمتخيل. ويسلط الضوء على هشاشة الإنسان أمام المجهول، من خلال استعراض لحظات الانكسار، والخوف، والسقوط في متاهات الذات، مؤكداً أن كل إنسان يحمل شره الخاص وهاجسه الداخلي. من بين ما تناوله المؤلف أيضاً، جماليات الصمت والتفصيل. فالصمت هنا ليس غياباً للكلام، بل لغة أخرى، والتفاصيل الصغيرة تصبح مفاتيح للمعنى، واللاّمنطوق يُفكك أكثر ما تقوله الكلمات. ويشير النص إلى أن الحقيقة كيان مرعب، ويحذرنا من حقيقة لا تحتمل، وأكثر رعباً من الكذب، وهي حقيقة النفس، والماضي، والذاكرة. تتمثل "الشر الخفي" في مواجهة العتمة البشرية، وهو ليس مجرد نص للقراءة، بل تجربة للتأمل ومواجهة مع الداخل. إنه دعوة للغوص في الظل حيث يكمن الخطر. ولذلك، يظهر الكتاب كصيحة تمرد أدبي، ينأى بنفسه عن أي تصنيف تقليدي. فهو ليس رواية بالمعنى الكلاسيكي، ولا مقالة تحليلية، ولا سرداً ذاتياً واضح المعالم، بل هو نص متفلت من الحدود، عابر للأنواع، هجين ومتفرد. ويؤكد هذا العمل أن الإبداع لا يقاس بنمطية الشكل، بل بجرأة الطرح، وعمق الرؤية، وأصالة المقاربة. إنه عمل يستنطق المجهول، يغوص في المسكوت عنه، ويطرح أسئلة وجودية مزعزعة حول الشر، والخوف، والإنسان، والحقيقة.
يخلص هذا العمل الأدبي، الذي يواجه العتمة البشرية، إلى أن "الشر الخفي" ليس مجرد نص للقراءة، بل تجربة للتأمل ومواجهة مع الداخل. إنه دعوة للغوص في الظل حيث يكمن الخطر. لذلك، يظهر كتاب "الشر الخفي" كصيحة تمرد أدبي، ينأى بنفسه عن كل تصنيف تقليدي، مؤكداً أن الإبداع الحقيقي يكمن في جرأة الطرح وعمق الرؤية وأصالة المقاربة.