كأس العالم 2026: توسع غير مسبوق وتحديات بيئية واقتصادية ودبلوماسية

صورة المقال 1

تكتسب كأس العالم لكرة القدم، الحدث الرياضي الأضخم على مستوى العالم، أبعاداً غير مسبوقة في نسختها لعام 2026. ستشهد البطولة مشاركة 48 منتخباً، وتقام 104 مباريات عبر أربع مناطق زمنية، وستستضيفها ثلاث دول هي كندا والمكسيك والولايات المتحدة. يأتي هذا التوسع الكبير في ظل مخاوف متزايدة بشأن التأثير البيئي، والأسعار الباهظة التي قد تحد من مشاركة الجماهير، فضلاً عن الأبعاد السياسية التي قد تلعب دوراً هاماً، خاصة مع تواجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشخصية مؤثرة.


بعد نسخة 2022 في قطر، حيث تركزت الملاعب ضمن دائرة ضيقة، سيمتد مونديال 2026 على مساحة جغرافية واسعة تمتد لأكثر من 4 آلاف كيلومتر، مع 16 ملعباً موزعة بين الولايات المتحدة (11)، وكندا (2)، والمكسيك (3). هذا الامتداد الشاسع ينذر بحصيلة كربونية مرتفعة، ويثير قلق المدربين من الإرهاق المحتمل للاعبين بسبب السفر الطويل والظروف المناخية المتفاوتة. على صعيد المشجعين، تعبر رابطة المشجعين الأوروبيين عن استيائها من الأسعار "الباهظة"، مما يتعارض مع الوعود بجعل هذه النسخة الأكثر شمولية. بل إن بعض المشجعين يشككون في إمكانية حضورهم بسبب القيود المحتملة على منح التأشيرات لمواطني دول معينة، خاصة مع حظر الرئيس الأمريكي السابق لدخول مواطني دول مثل إيران وهايتي والسنغال وساحل العاج. تُعد شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عنصراً إضافياً في هذه النسخة. فبعد تهديده بسحب المباريات من المدن التي يحكمها ديمقراطيون، تبرز تساؤلات حول تأثيره على العلاقات الدبلوماسية مع الدول المضيفة الأخرى. وقد أثير جدل حول حصوله على "جائزة فيفا للسلام"، وهو ما اعتبره البعض خطوة مثيرة للجدل مدعومة من رئيس الاتحاد الدولي جاني إنفانتينو، الذي وصف البطولة بأنها "أكبر حدث شهدته البشرية على الإطلاق". يمثل توسع كأس العالم، من 13 منتخباً في بدايتها إلى 48 منتخباً في 2026، تطوراً مستمراً. مع 12 مجموعة تضم كل منها أربعة منتخبات، وسيقام 72 مباراة لتحديد 32 فريقاً متأهلاً للدور الثاني، ستمتد البطولة على ستة أسابيع، من 11 يونيو إلى 19 يوليو، وهي مدة زمنية غير مسبوقة. على الرغم من أن التوسع قد يقلل من عدد المواجهات الكبرى في الدور الأول، إلا أن هناك مباريات قوية متوقعة بين نجوم كبار مثل كيليان مبابي وإرلينغ هالاند، بالإضافة إلى مواجهات أخرى مثيرة. كما أتاح هذا التوسع فرصاً لمنتخبات للتأهل لأول مرة، مثل كوراساو والرأس الأخضر وأوزبكستان والأردن، وفرص أخرى للمنتخبات عبر الملحق. رغم هذا التنوع، تظل المنتخبات المرشحة التقليدية هي نفسها. فمنذ عام 1930، لم يفز بالكأس سوى ثمانية منتخبات. في نسخة 2026، تضم قائمة المرشحين إسبانيا، فرنسا، إنجلترا، البرتغال (مع مشاركة سادسة لكريستيانو رونالدو)، الأرجنتين (مع مشاركة سادسة لليونيل ميسي)، البرازيل، وربما ألمانيا. أما أبطال العالم السابقون، فقد تأهلوا جميعاً باستثناء إيطاليا التي ما زالت بحاجة للفوز في الملحق الأوروبي.

تعد كأس العالم 2026 حدثاً استثنائياً بتوسعها الكبير، لكنها تطرح تحديات متعددة الأوجه. فمن التأثير البيئي الناجم عن الامتداد الجغرافي الواسع، إلى التكاليف الباهظة التي قد تشكل عائقاً أمام الجماهير، وصولاً إلى الأبعاد السياسية والشخصية التي قد تؤثر على مسار البطولة، يبدو أن النسخة القادمة ستكون اختباراً لقدرة كرة القدم على التكيف مع التغيرات والتحديات المعاصرة، مع الحفاظ على روح المنافسة والمتعة.