العدالة المجالية في المغرب: تحديات التنمية وتطلعات الإنصاف

صورة المقال 1

في ظل سعي المغرب نحو تحقيق التنمية الترابية المندمجة والعدالة بين مختلف مناطقه، تبرز قضية التفاوتات المجالية كعائق رئيسي. وقد أكد خبراء وباحثون على ضرورة تبني مقاربات جديدة لمعالجة هذه الإشكالية البنيوية.


أكد عبد الحفيظ أدمينو، الأستاذ الجامعي، أن تحقيق الإنصاف للمناطق المتضررة من التفاوتات المجالية يمر بالضرورة عبر التمييز الإيجابي، مشدداً على أن العدالة المجالية تفرض اتخاذ تدابير محددة في هذا الإطار. وأوضح أن مكافحة التفاوتات لا تقتصر على ذلك، بل تشمل أيضاً إيجاد سبل لكبح تمددها. كما أشار إلى أن التهيئة الترابية تعد وسيلة تقنية فعالة لخدمة العدالة المجالية. ينتقل المغرب حالياً إلى مرحلة تُقاس فيها أداء الدولة بالنتائج والآثار على المستوى المجالي، بعد أن كانت المرحلة السابقة تركز على الموارد المصروفة. من جهتها، اعتبرت طالبة الباحثة تورية حكيمي أن التفاوتات المجالية بالمغرب إشكالية بنيوية تعيق التنمية الشاملة والعدالة الترابية، وتمس تكافؤ الفرص والحقوق الأساسية. وعزت هذه التفاوتات إلى النمو الديموغرافي غير المتجانس الذي يتركز في المدن الكبرى، مما يخلق ضغطاً على الموارد والبنيات التحتية. كما أشارت إلى دور التغيرات المناخية في زيادة هشاشة المناطق التي تعاني من ندرة الموارد، مقابل قدرة المناطق الأكثر استقراراً على التكيف. وفي سياق متصل، أبرزت غيثة الشرادي، طالبة باحثة، أن التغيرات البيئية عامل رئيسي في إعادة تشكيل التفاوتات المجالية، وأن هشاشة المجالات لا تؤخذ بعين الاعتبار بشكل كافٍ في أطر الحكامة المناخية. وأوصت بتوطين السياسات المناخية على أساس الهشاشة المحلية وإدراج العدالة المجالية كمعيار لتقييم السياسات العمومية. أما خليل كاريمي، طالب باحث، فقد تطرق إلى التوزيع المجالي غير المتكافئ للبنيات التحتية، مشيراً إلى غياب تام لبعض الطرق السيارة والسكك الحديدية في مناطق معينة كالجهة الشرقية والجنوبية. كما لفت الانتباه إلى وتيرة غير مناسبة لمشاريع الأمن المائي، كما اتضح من خلال مسيرة ساكنة آيت بوكماز. ختاماً، أشار محمد الصفوحي، طالب باحث، إلى أن السياسات الاجتماعية لم تستطع حتى الآن توحيد السرعتين التنمويتين، مما يستدعي مقاربات جديدة. ورغم الرهان على العدالة المجالية في ورش الحماية الاجتماعية وتأهيل المؤسسات التعليمية ودعم التشغيل، إلا أن المؤشرات تظل "مقلقة"، مثل تمركز 70% من فقراء المغرب في خمس جهات، وارتفاع أعداد المنقطعين عن الدراسة، وملامسة البطالة لـ13%.

إن تحقيق العدالة المجالية في المغرب يتطلب جهوداً متضافرة وتبني مقاربات مبتكرة تتجاوز الحلول التقليدية، مع التركيز على التمييز الإيجابي، وتعزيز البنيات التحتية، ومواجهة تحديات التغيرات المناخية، وتقييم أثر السياسات الاجتماعية بشكل دقيق لضمان توزيع عادل للفرص والثروات بين جميع المواطنين.