تساقطات ثلجية كثيفة تتسبب في انقطاع التيار الكهربائي بإقليم أزيلال: تحديات البنية التحتية واستدامة الخدمة

صورة المقال 1

لم تكن موجة التساقطات الثلجية الأخيرة التي ضربت إقليم أزيلال حدثا عابرا؛ إذ وجدت معها عدد من الدواوير الجبلية نفسها في معاناة حقيقية بسبب قساوة الطقس، خاصة بعد تسجيل انقطاعات في التيار الكهربائي لساعات طويلة بمناطق معزولة، تزامنا مع انخفاض حاد في درجات الحرارة، ما استدعى تدخلات تقنية لإصلاح الأعطاب وإعادة التزويد بالكهرباء.


سجّل إقليم أزيلال خلال الأيام الماضية تساقطات ثلجية كثيفة، بلغ سمكها حوالي 80 سنتيمترا بدوار تيلوكيت، ونحو 25 سنتيمترا بجماعة زاوية أحنصال، مقابل قرابة 10 سنتيمترات بجماعة آيت محمد. وقد حذّرت النشرة الجوية الإنذارية رقم 147/2025، الصادرة في 15 دجنبر الجاري، من تساقطات تتراوح بين 50 و80 سنتيمترا بالمناطق التي يفوق علوّها 1400 متر داخل الإقليم. شكّلت هذه الظروف المناخية ضغطا كبيرا على البنيات التحتية، في ظل تراكم الثلوج على المسالك الجبلية، وسقوط بعض الأشجار، وتأثر عدد من الخطوط الكهربائية الهوائية، ما صعّب من عمليات التدخل الميداني. في جماعات قروية جبلية بإقليم أزيلال، من بينها تبانت، آيت بوولي، زاوية أحنصال، آيت محمد، آيت تمليل، سيدي بولخلف، آيت عباس، تيفني، آيت أوقبلي، أنركي وتيفرت نايت حمزة، وجد سكان أنفسهم دون كهرباء لساعات طويلة، امتد بعضها إلى أكثر من يوم كامل. واشتكى مواطنون من ليال قاسية عاشوها في البرد والظلام، حيث تعطّلت الإنارة، وانقطعت وسائل التواصل، خاصة في الدواوير البعيدة عن مراكز الجماعات. وتداول نشطاء محليون صورا ومقاطع فيديو توثق حجم التساقطات وصعوبة الولوج، مع تساؤلات متجددة عن تكرار هذه الانقطاعات مع كل موجة برد تعرفها المنطقة. في هذا السياق، أفاد المسؤول الإقليمي عن قطاع الكهرباء بالشركة الجهوية متعددة الخدمات بني ملال–خنيفرة بإقليم أزيلال، بأن موجة التساقطات الثلجية الأخيرة أسفرت عن تسجيل 36 تدخلا تقنيا لإصلاح أعطاب في الشبكة الكهربائية. وأوضح المصدر أن هذه الأعطاب همّت عددا من الجماعات الترابية. وبخصوص المدة الزمنية للانقطاعات، أكد المسؤول عينه أن أدناها كان في حدود نصف ساعة، في حين بلغ أقصاها حوالي 30 ساعة، خاصة بالمناطق الواقعة في أعالي الجبال، مرجعا ذلك إلى صعوبة الولوج وإغلاق عدد من الطرق بفعل تراكم الثلوج. وعلى المستوى الجهوي، أشارت المديرة العامة للشركة الجهوية متعددة الخدمات بجهة بني ملال–خنيفرة، إلى أن الشركة تعتمد إجراءات استباقية قبل فترات البرد، تشمل الصيانة الدورية للشبكة الكهربائية، وتهيئة بعض المقاطع الهشة، والبرمجة الدقيقة لمهام فرق الديمومة. وأضافت أن هذه الظرفية الاستثنائية عرفت تعزيزا للفرق التقنية وتعبئة للوسائل اللوجستيكية اللازمة. في قراءة للوضع، قال الفاعل المدني عمر أوزياد إن الظرفية الاستثنائية التي عرفها الإقليم، وما رافقها من تقلبات مناخية قاسية وتساقطات ثلجية كثيفة وصعوبات كبيرة في الولوج، تستدعي الوقوف بتقدير كبير عند المجهودات التي بذلتها مختلف الأطراف المتدخلة، وعلى رأسها أطر وتقنيو وعمال قطاع الكهرباء.

تبقى الشبكة الكهربائية في أعالي الجبال عرضة للتأثر بالثلوج الكثيفة، وهو ما يطرح إشكال الاستدامة في إقليم تتكرر فيه موجات البرد بشكل دوري. وبرامج تقوية الشبكة الكهربائية وطمر بعض الخطوط الهوائية بالمناطق الأكثر هشاشة أُدرجت ضمن برمجة ميزانيات الاستثمار للفترة الممتدة بين 2026 و2030. وبين ما تعلنه الجهات المعنية من تعبئة تقنية، وما تختبره الدواوير الجبلية من هشاشة تتجدد مع كل موجة برد، يظل تدبير الانقطاعات محكوما بحدود بنيوية تفرضها طبيعة الجبل وإكراهات الشبكة وإيقاع الاستثمار طويل المدى؛ إذ إن استمرارية الخدمة في إقليم اعتاد قسوة الشتاء لا تُقاس فقط بسرعة إعادة التيار، بل بمدى جاهزية المرفق العمومي قبل أن تختبره الظروف المناخية القاسية.