منظمة "شعاع لحقوق الإنسان" تحذر من تعديل قانون الجنسية الجزائرية وتعتبره أداة "لتكميم الأفواه"

صورة المقال 1

حذرت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان”، المهتمة بالشأن الحقوقي في الجزائر، ضمن بيان لها، من مقترح تعديل قانون الجنسية الجزائرية الذي سيُعرض أمام أنظار المجلس الوطني الشعبي (البرلمان) نهاية الأسبوع الجاري، معتبرة أن هذا القانون “يعد أداة لتكميم الأفواه وتقويض الانتماء الوطني”، خاصة في ظل تنصيصه على مقتضيات تتعلق بالتجريد من الجنسية.


أكدت المنظمة ذاتها أن “هذا المقترح يفتح الباب أمام المساس بحق الجزائريين في جنسيتهم الأصلية، استناداً إلى مفاهيم فضفاضة من قبيل المساس بمصالح الدولة أو الوحدة الوطنية، بما يشكل تهديداً مباشراً لحقوق المواطنة”، مشيرة إلى أن هذا التطور “يكرّس مساراً تشريعياً خطيراً من شأنه تحويل التجريد من الجنسية إلى أداة لتكميم الأفواه ومعاقبة الرأي المخالف، بدل أن يظل إجراءً استثنائياً محكوماً بضوابط صارمة تحمي الحقوق والحريات”. وأكدت الهيئة الحقوقية ذاتها أن “هذا النص لا يمكن فصله عن السياق السياسي والقضائي الراهن، الذي يشهد توسعاً مقلقاً في استعمال القوانين ذات الطابع الزجري، وعلى رأسها المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، لتجريم حرية التعبير والنشاط السياسي السلمي، ولا سيما ضد المنتقدين والمعارضين، وبوجه خاص المقيمين في الخارج”. اعتـبرت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان” أن “تركيز المشروع على الأفعال المرتكبة خارج التراب الوطني يكشف عن استهداف خاص للجزائريين المقيمين في الخارج، الذين يشكّلون اليوم الفئة الأكثر ممارسةً لحقها في انتقاد السلطة، بحكم وجودهم خارج سطوة الاعتقال والسجن، رغم ما يواجهه العديد منهم من متابعات قضائية وأحكام غيابية قاسية”، وحذرت من أن “اللجوء إلى التجريد من الجنسية في هذا السياق يشكل إجراءً انتقامياً يرمي إلى إسكات أحد آخر فضاءات التعبير الحر، البعيدة عن قمع السلطة، وقطع الصلة القانونية بين المواطن ووطنه”. كما حذرت المنظمة ذاتها من أن “هذا المشروع يحوّل الجنسية من حق أصيل وملازم للشخص إلى وسيلة ضغط وابتزاز سياسي، مشروطة بالولاء للسلطة لا بالانتماء للوطن”، مؤكدة أن “التجريد من الجنسية بسبب الرأي أو الموقف السياسي يشكل حرماناً تعسفياً يتعارض مع الدستور الجزائري ومع الالتزامات الدولية للدولة، ولا سيما المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادتين 19 و24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.

وجهت الهيئة ذاتها نداءً إلى نواب المجلس الشعبي الوطني، والأحزاب السياسية، ومكونات المجتمع المدني، وكافة الفاعلين السياسيين والحقوقيين في الجزائر، من أجل “تحمّل مسؤولياتهم الدستورية والأخلاقية ورفض هذا النص، لما يحمله من مخاطر جسيمة على حرية التعبير وعلى مبدأ المواطنة المتساوية”، منبهة في الوقت ذاته الرأي العام الدولي والهيئات الأممية إلى “خطورة هذا التوجه التشريعي وما ينطوي عليه من تقويض للحقوق والحريات الأساسية”. وطالبت المنظمة الحقوقية بالسحب الفوري لمقترح تعديل قانون الجنسية الجزائرية، وتحييد الجنسية الأصلية تحييداً كاملاً عن أي إجراء عقابي أو أمني، ووقف التوسع في استعمال النصوص الزجرية، وعلى رأسها المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، ضد المنتقدين السلميين في الداخل والخارج، موردة أن “تكميم الأفواه لا يحمي الأوطان”، وأن “الانتماء الوطني لا يُفرض بالعقاب”، وأن “صون الاستقرار الحقيقي لا يتحقق إلا عبر احترام الحقوق والحريات، لا عبر تقويضها”.