يشكل المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، أحد الملاعب الرئيسية التي ستستضيف مباريات في كرة القدم ضمن نهائيات كأس أمم أفريقيا، معلمة كروية عالية الجودة ستدون اسم العاصمة الاقتصادية في سجل كبريات التظاهرات بالقارة الإفريقية. الملعب، المعروف تاريخياً بـ "ستاد دونور"، ليس مجرد مكان للمباريات، بل هو صرح يجمع بين التاريخ العريق والحداثة، ويحتضن ذكريات رياضية وثقافية عميقة.
في إطار منافسات كأس أمم أفريقيا، سيشهد المركب الرياضي محمد الخامس مباريات قوية تجمع منتخبات قوية ضمن المجموعتين الأولى والخامسة، مثل زامبيا ضد مالي، وبوركينافاسو ضد غينيا الاستوائية، وزامبيا ضد جزر القمر، وغينيا الاستوائية ضد السودان. بالإضافة إلى ذلك، سيستضيف الملعب مواجهات هامة أخرى مثل جزر القمر ضد مالي، والسودان ضد بوركينافاسو، ومباراة في دور ثمن النهائي، ولقاء تحديد المركز الثالث. يُعد "ستاد دونور"، المتواجد في قلب الدارالبيضاء، أيقونة الملاعب الكروية المغربية ومركزًا رياضيًا وثقافيًا بارزًا. لقد استضاف الملعب العديد من الأحداث الهامة، بما في ذلك دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1983، ونهائي كأس أمم أفريقيا عام 1988، ونهائيات دوري أبطال أفريقيا لعدة سنوات، بالإضافة إلى فعاليات ثقافية مرموقة مثل خطاب الملك الحسن الثاني والبابا يوحنا بولس الثاني عام 1985. تم تسمية الملعب "المركب الرياضي محمد الخامس" تكريمًا لذكرى الملك الراحل محمد الخامس، رمز النضال من أجل الاستقلال. يعتبر الملعب موطنًا روحيًا لعشاق كرة القدم في الدارالبيضاء، خاصة جماهير الوداد والرجاء، التي تشكل ظاهرة كروية فريدة. لطالما كان الملعب مكانًا لتجمع الشباب، حاملين شغفهم وأحلامهم. بفضل بنيته التحتية المتطورة، أصبح الملعب قادرًا على استضافة كبرى البطولات الرياضية، رابطًا بين ماضيه العريق وحاضره المتجدد. إنه ليس مجرد ملعب، بل معلم رياضي وثقافي يمثل جزءًا أصيلًا من الذاكرة الجماعية للمغاربة، وشاهدًا على لحظات الفرح والحزن التي خلّدت التاريخ الرياضي للمملكة. افتُتح الملعب في 6 مارس 1955 تحت اسم "ستاد مارسيل سردان"، ثم تغير اسمه لاحقًا إلى "ستاد دونور" (الملعب الشرفي). بعد إغلاقه عام 1981 للتحديث، أعيد افتتاحه في 21 أغسطس 1983 باسم "محمد الخامس"، بحضور الملك الحسن الثاني. خضع الملعب لعمليات تجديد شاملة مؤخرًا لضمان مطابقته لمعايير الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF)، ليصبح في مصاف المنشآت الرياضية العالمية. يجمع تصميمه الجديد بين الحداثة والحفاظ على قيمته التاريخية والتراثية، مع الحفاظ على سحره وجماليته المعمارية التي تتجذر في هوية الدارالبيضاء. يشكل "دونور" محطات رمزية في تاريخ كرة القدم الوطنية، بما في ذلك تألق المنتخب الوطني خلال تصفيات كأس العالم. لطالما اعتبره الجمهور المغربي "ملعب الرعب" نظرًا لهيبته وأجوائه الفريدة. يأتي هذا التحديث في إطار سياسة طموحة بقيادة الملك محمد السادس لتطوير البنية التحتية الرياضية، استعدادًا لاستضافة كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال. تهدف هذه السياسة إلى تلبية المعايير الدولية وتعزيز مكانة المغرب كمركز رياضي عالمي. يعكس المركب الرياضي محمد الخامس، بروح مدينة الدارالبيضاء، تراثها المعماري الغني وماضيها العريق وإرثها الثقافي الفريد.
يظل المركب الرياضي محمد الخامس أكثر من مجرد ملعب؛ إنه صرح تاريخي وثقافي يعكس روح الدارالبيضاء والمغرب، ويحتضن لحظات رياضية لا تُنسى. جهود التحديث المستمرة تضمن له مكانته كوجهة رئيسية لاستضافة كبرى المنافسات على المستويين القاري والعالمي، مع الحفاظ على هويته الأصيلة وذاكرته الغنية.