أصدر مركز جسور للدراسات التاريخية بمدينة طنجة ترجمة جديدة لكتاب 'ذكريات مغربية' للمورو الباسكي خوسي ماريا دي مورغا، وهو الكتاب الثاني للمركز بعد 'أرض سلطان إفريقي' لوالتر هاريس، ضمن سلسلة ترجمات.
يمثل هذا الإصدار الجديد ترجمة من اللغة الإسبانية أنجزها الأستاذ محمد المساري لأحد أهم النصوص التي كُتبت عن المغرب في بدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهو كتاب 'ذكريات مغربية'، الذي يُعد أشهر كتاب إسباني عن المغرب في زمانه. ويعد دي مورغا من بين ثلاث أشهر شخصيات إسبانية ارتبطت بالمغرب، حيث يذكر دائما إلى جانب علي باي العباسي وخواكين غاتيل (القائد إسماعيل). ولد خوسي ماريا دي مورغا في مدينة بيلباو بإقليم الباسك الإسباني سنة 1827، ونشأ في بيت أرستقراطي متنور وليبرالي. انخرط مورغا في الجيش وشارك في الحروب الأهلية الثلاث التي نشبت في إسبانيا إثر وفاة الملك فيرناندو السابع (1833)، كما شارك في حرب القرم بوصفه مراقبا دوليا. ما إن عاد إلى وطنه حتى استقال من الجيش سنة 1861 وشرع في إعداد رحلته المرتقبة إلى المغرب، إذ قصد في البداية باريس حيث درس اللغة العربية والفيزياء والكيمياء، ثم انتقل إلى لندن حيث انكب على جمع المعطيات المتعلقة بالمغرب من خلال الدراسات الاستشراقية المتوفرة، وقبل عودته إلى بيت أسرته في بلاد الباسك عَرَّجَ على مدريد، حيث قضى مدة في دراسة الطب، وحصل منها على دبلوم يؤهله لإجراء العمليات الجراحية البسيطة. يعطي كتاب 'ذكريات مغربية' لصاحبه المورو بيسكاينو الانطباع، من أول وهلة، بأنه استرجاع ذكريات ووصف لأحداث وتجارب وقعت للمؤلف أثناء ترحاله في أرجاء مغرب أواسط القرن التاسع عشر، بناء على ما يكون قد اختمر في ذهنه أو دونه من ملاحظات، إلا أن ذلك الانطباع سرعان ما ينجلي مع الاطلاع على التبويب الذي أخضع إليه الكتاب.
الذكريات هنا لا تُحكى بشكل خطي ولا تعتمد ترتيبا كرونولوجيا ولكنها تتخلل النصوص وتتقاطع وتمتزج مع المواضيع التي تشكل المحاور التي تطرق إليها الكتاب، غير أن هذه المحاور ذاتها لا تخضع لتراتبية منطقية، ما يسمح بقراءة الكتاب من بدايته أو نهايته.