في خطوة تحمل دلالات سياسية وإنسانية هامة، استقبل رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة مدريد. تزامن هذا اللقاء مع الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهي مناسبة ألقت بظلالها على محادثات الزعيمين، لا سيما وأنها الزيارة الثانية للرئيس عباس إلى إسبانيا منذ اعتراف مدريد الرسمي بدولة فلسطين.
وصف سانشيز اللقاء بأنه "شرف" خاص، مشيراً إلى رمزية الاحتفاء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي مر على اعتماده 77 عاماً. وأكد على أن "الكرامة الإنسانية قيمة مطلقة وغير قابلة للتصرف"، معرباً عن تضامن إسبانيا "العميق" مع الشعب الفلسطيني أمام "المأساة الإنسانية المتفاقمة" في قطاع غزة. وشدد على التزام بلاده "بالعمل متعدد الأطراف" لإيجاد حل سلمي وعادل للصراع، مجدداً تأكيد مدريد على دعمها الثابت للقضية الفلسطينية وتشجيعها "الحل القائم على دولتين" باعتباره "السبيل الوحيد نحو سلام دائم" يقوم على "التعايش والاحترام المتبادل والتعاون". حدد سانشيز ثلاث أولويات أساسية لجهود إسبانيا: أولاً، ضمان "سماع صوت إسبانيا في المحافل الدولية" للتذكير بمأساة غزة والعمل من أجل "وقف إطلاق نار فعلي وحقيقي". ثانياً، تعزيز دور السلطة الفلسطينية لتمكينها من لعب دور محوري في مستقبل الحكم الفلسطيني. وثالثاً، حشد "شركاء إسبانيا الدوليين" لدعم مسار يؤدي إلى سلام مستدام. خلال الاجتماع، أعرب سانشيز عن أسفه "للحجم الهائل للكارثة الإنسانية" في غزة، مشيراً إلى أن "تسعة مساكن من أصل عشرة باتت غير قابلة للسكن"، وأن "المدارس والمستشفيات تحولت إلى أنقاض". كما تطرق إلى "المعاناة العميقة لآلاف العائلات التي فقدت أحباء لها"، مستشهداً بتقديرات الأمم المتحدة التي تفيد بأن "أكثر من خمسين مليون طن من الركام تغطي قطاع غزة". وأوضح أن إزالة هذه الكميات الهائلة من الركام قد تستغرق وقتاً، لكن "الأهم هو إعادة بناء الأمل، وجعل السلام أكثر من مجرد هدنة قصيرة بين حربين". شدد رئيس الحكومة الإسبانية على أن سكان غزة، "رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار، ما زالوا يتعرضون لهجمات وانتهاكات وقيود تمس حقوقهم الأساسية، من الحق في الحياة إلى الغذاء والصحة والتعليم وحرية التنقل". واعتبر أن "بناء الأمل يحتاج إلى سلام حقيقي قائم على العدالة"، مؤكداً أن "المسؤولين عن الجرائم المرتكبة سيفتح في حقهم باب المساءلة، بما يضمن عدم تكرار المأساة".
اختتم سانشيز تصريحه بالتأكيد على أن "إسبانيا ستسير دائمًا إلى جانب فلسطين، كبلدٍ صديق وشقيق"، معرباً عن قناعته بأن زيارة الرئيس محمود عباس "ستُسهم في تعزيز العلاقات الثنائية وترسيخ الالتزام الإسباني بحلول تستند إلى القانون الدولي وتفتح الطريق نحو سلام عادل ودائم".