المركز المغربي لحقوق الإنسان: تراجع في الحقوق والحريات بالمغرب وتزايد الضغوط الاجتماعية

صورة المقال 1

بمناسبة تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أصدر المركز المغربي لحقوق الإنسان بياناً عبّر فيه عن قلقه البالغ إزاء استمرار مظاهر التراجع في أوضاع الحقوق والحريات الأساسية بالمغرب. وأشار المركز إلى اتساع الهوة بين الالتزامات الدستورية والاتفاقية للمغرب من جهة، والواقع الفعلي للسياسات العمومية والممارسات الميدانية من جهة أخرى، وذلك في سياق وطني ودولي بالغ التعقيد.


أوضح المركز المغربي لحقوق الإنسان، في بيانه، أن سنة 2025 شكلت محطة إضافية في سياق تزايد الضغوط الاجتماعية، واتساع الفوارق، وتعَاظُم مطالب الكرامة والعدالة الاجتماعية، مقابل غلبة المقاربة الأمنية والتعسف في القرارات الإدارية وهيمنة لوبيات اقتصادية على حساب الفئات الضعيفة. وأشار المصدر ذاته إلى أن سنة 2025 شهدت تفاقماً مقلقاً في تدهور الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من المجتمع المغربي، حيث أدى التضخم المتواصل، والارتفاع المتعمد لأسعار المحروقات، وهيمنة لوبيات المحروقات والأدوية والتأمينات وقطاعات اقتصادية أخرى، إلى ضغط غير مسبوق على القدرة الشرائية لدى الأسر محدودة ومتوسطة الدخل. ورد ضمن البيان أنه رغم البرامج الحكومية في مجال الحماية الاجتماعية، ظل الواقع بعيداً عما يتم الترويج له، حيث تظهر المعطيات استمرار هشاشة الخدمات الصحية العمومية وفرار الأطر الطبية إلى القطاع الخاص أو إلى الخارج، بالإضافة إلى تجاوزات القطاع الصحي الخاص خارج نطاق المساءلة والمحاسبة، وضعف جودة التعليم واتساع الفجوة بين التعليم العمومي والخصوصي، وتعثر برامج محاربة الفقر وتراجع الطبقة الوسطى واتساع رقعة الفقر، واعتماد سياسات الهدم دون بدائل كافية، مع إقصاء العديد من المواطنين من التعويض لأسباب غير موضوعية. وبخصوص ما وصفها بـ”أزمة الحكامة ومكافحة الفساد”، أكد البيان أن المركز يعبر عن رفضه القاطع لتفعيل المادتين 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية، لما تشكلانه من “تعطيل لدور المجتمع المدني في التبليغ عن الفساد، ومنح حصانة شبه مطلقة لمرتكبي جرائم المال العام، وإضعاف استقلالية النيابة العامة، وتقويض مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”، مشدداً على أن “مكافحة الفساد تتطلب إرادة سياسية وتشريعات شفافة، لا قوانين تغلق الأبواب أمام القوى الحية والمبادرات المواطِنة”. وتطرق البيان لوضعية السجون، مسجلاً “ارتفاعاً غير مسبوق في الاكتظاظ داخل السجون، وضعف الخدمات الصحية وغياب أطباء وممرضين داخل المؤسسات السجنية، وتوسع ظاهرة الاعتقال الاحتياطي، ومحدودية البدائل العقابية رغم الحاجة الملحة إليها”. ورد ضمن البيان أن “زلزال الحوز (2023) شكل امتحاناً حقيقياً لقدرة الدولة على إدارة الأزمات، وبعد مرور أكثر من سنة ونصف، لا تزال آلاف الأسر دون سكن لائق، ودون رؤية واضحة لوتيرة إعادة الإعمار، وفي غياب تام للشفافية والتواصل، مع تدبير للأزمة يتسم بالارتباك وضعف التنسيق وغياب الحكامة التشاركية”. وبخصوص المجتمع المدني، أكد البيان أن “المركز يسجل استمرار عراقيل غير مبررة في تأسيس الجمعيات أو تجديد هياكلها، والحصول على وصولات الإيداع، وتنظيم الأنشطة والندوات”، مؤكداً أن “هذا التضييق يضرب جوهر المشاركة المدنية المنصوص عليها دستورياً ودولياً”. ورد ضمن البلاغ أنه “انطلاقاً من مسؤوليته في رصد وتقييم حالة حقوق الإنسان بالمغرب”، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان يؤكد “رفض استمرار المقاربة الأمنية في التعامل مع مطالب اجتماعية مشروعة”، و”الدعوة إلى مراجعة القوانين التي تمس حرية التعبير، وعلى رأسها المادتان 3 و7 من قانون المسطرة الجنائية”، و”تحرير المجال الإعلامي عبر انتخاب نزيه وشفاف لمجلس وطني شرعي للصحافة وإقرار آليات فعالة لضبط القطاع”، و”إطلاق سراح كافة معتقلي الاحتجاجات السلمية والرأي”. وأشار المركز الحقوقي إلى ضرورة “مراجعة السياسات الاقتصادية التي تغذي الاحتكار وتعمق الفوارق الاجتماعية”، و”تبني استراتيجية وطنية شاملة لمناهضة الفساد وفق المعايير العالمية المعترف بها”، و”إشراك المجتمع المدني في وضع ومراقبة السياسات العمومية”، و”تعزيز العدالة الاجتماعية عبر سياسات جبائية منصفة وإصلاح عميق لقطاعي الصحة والتعليم”، و”إصلاح شامل لمنظومة السجون وتفعيل البدائل العقابية”، و”إرساء حكامة فعالة في تدبير الكوارث تقوم على الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة”.

وبعدما أكد أن “المغرب في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مقاربة حقوقية شجاعة تعيد الاعتبار لكرامة المواطن، وتعلي من شأن القانون، وتضع الإنسان في قلب السياسات العمومية”، جدّد المركز المغربي لحقوق الإنسان “التزامه بالدفاع عن الحقوق والحريات”، ودعا إلى “جعل سنة 2026 سنة للقطع مع التردد والوعود غير المكتملة، وللانطلاق نحو مرحلة جديدة قائمة على الحرية، العدالة، الكرامة، الشفافية وسيادة القانون”.