كشفت مصادر مطلعة عن تحقيقات مشتركة بين إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ومكتب الصرف، أدت إلى توقيف نشاط مصرفيين متهمين بتهريب عمليات صرف عملة من وكالات بنكية إلى "السوق السوداء". تأتي هذه التحقيقات بناءً على معطيات دقيقة حول نشاط صرف مشبوه في وكالات تجارية بالدار البيضاء ومراكش، يقوم به مستخدمون بنكيون وسماسرة ووسطاء، مع وجود شكوك حول تورطهم في عمليات تهريب عملة.
أفادت مصادر عليمة لهسبريس بأن التحريات الأولية التي شملت وكالتين بنكيتين بضواحي الدار البيضاء، إحداهما قريبة من مطار محمد الخامس الدولي، تمكنت من رصد عمليات صرف ضخمة من اليورو للدرهم، خارج القانون، بلغت سقف 300 ألف يورو في إحدى الوكالتين. وقد لوحظ ارتباط عدد من المشتبه فيهم بعلاقات مع مكاتب صرف مرخصة، استغلت وثائقها وسجلاتها في محاولة تضليل مصالح المراقبة، عبر تزويد زبائن بوصولات صرف لمبالغ صغيرة، بينما يتم تحويل القيمة الأكبر خارج القنوات القانونية. وأكدت المصادر أن مراقبي الجمارك والصرف يجرون تحقيقات حول استعانة مسؤولين بوكالات بنكية بشبكة من الوسطاء والسماسرة، بعضهم يمتلك وكالات أسفار وشركات لكراء السيارات، بهدف جلب أكبر عدد من الزبائن مقابل عمولات مالية كبيرة. وشددت المصادر على أن المسؤولين قيد التحقيق قاموا بتهريب صفقات صرف ضخمة من وكالاتهم لحسابهم إلى "السوق السوداء". وقد ظهر ذلك من خلال وثائق رقابة داخلية بنكية، رصدت تراجعًا في مؤشرات عمليات الصرف رغم موقع الوكالات الجغرافي وقربها من مناطق حيوية. امتد نطاق التدقيق ليشمل ذروة عمليات الصرف بالتزامن مع عطل نهاية السنة، بعد اعتماد مراقبي مكتب الصرف على منصة تبادل المعلومات لرصد تنامي حجم رواج العملات الأجنبية في "السوق السوداء" مقارنة بالسوق المهيكلة، وارتفاع قيمة المبالغ المحولة من اليورو والدولار إلى الدرهم. وأكد مراقبو الجمارك هذه الملاحظات بعد جرد وثائق التصريحات بالعملة عبر المنافذ الحدودية. وكانت مصالح المراقبة بمكتب الصرف قد أنجزت 353 مهمة تحقيق مع فاعلين من قطاعات اقتصادية مختلفة خلال سنة واحدة، بالإضافة إلى 54 مهمة تحقيق حول شركات صرف العملات الأجنبية فيما يتعلق بنشاط الصرف اليدوي، و53 تحقيقًا حول امتثال هذه الشركات لإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد فاجأ المراقبون نقط صرف مرخصة بطلب وثائق خاصة بعمليات صرف تعود إلى ثماني سنوات، مذكرين المسؤولين بالتزاماتهم المتعلقة بالاحتفاظ بجميع المستندات لمدة عشر سنوات، مع ضرورة ضمان إمكانية إعادة تشكيل العمليات وتسليم المعلومات المطلوبة للسلطات المختصة في الآجال المحددة، دون إمكانية التذرع بالسر المهني.
تشكل هذه التحقيقات خطوة هامة في جهود السلطات المغربية لمكافحة جرائم الصرف غير المشروع وغسل الأموال، وتعزيز الشفافية في القطاع المالي. وتؤكد الاستراتيجية المتبعة على أهمية التعاون بين مختلف الجهات الرقابية لضمان الامتثال للقوانين والقضاء على ممارسات السوق السوداء.