تشهد الطريق الوطنية رقم 1، الممتدة عبر إقليم اشتوكة آيت باها وصولاً إلى إقليم تيزنيت، سلسلة متصلة من حوادث السير التي تخلف خسائر بشرية ومادية فادحة. أصبحت هذه الطريق، التي تُعرف بـ "محور الموت"، مصدر قلق دائم للسكان والمسؤولين على حد سواء، نظراً لتزايد عدد الحوادث المخيف.
يعزى ارتفاع معدل حوادث السير على هذا المحور الطرقي الحيوي، الذي يشكل الشريان الوحيد للأقاليم الجنوبية، إلى عدة عوامل متداخلة. فإلى جانب الضغط المروري الناتج عن كونه الطريق الوحيدة، يساهم الطابع الفلاحي لإقليم اشتوكة آيت باها في زيادة حركية السير والجولان، خاصة مع تواجد ديموغرافي كثيف. وأظهرت بيانات شبه رسمية، صادرة عن نفوذ الدرك الملكي ببلفاع، أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت زيادة مهولة في عدد الحوادث، التي تعود أسبابها الرئيسية إلى عدم احترام قانون السير، وعدم الانتباه، وتجاهل حالة الطريق، إضافة إلى العوامل الصحية للسائقين والحالة الميكانيكية للمركبات. مما يشير بوضوح إلى أن العامل البشري هو المتسبب الرئيسي في غالبية هذه الحوادث. وتشير المعطيات إلى أن الحوادث الجسمانية تحتل النصيب الأكبر، مما يعني ارتفاعاً في عدد القتلى والجرحى والمعطوبين، وخاصة بين فئة الراجلين. وقد دق فاعلون محليون ناقوس الخطر، مطالبين باتخاذ إجراءات عملية للحد من هذه الظاهرة المأساوية. وفي هذا السياق، اعتبر الفاعل الحقوقي والجمعوي الحسين بسموسم أن سكان المنطقة السهلية لاشتوكة يعيشون في هلع بسبب المشاهد المأساوية اليومية، ووصف الحوادث بـ "المجازر الطرقية". وأشار إلى أن هذه الحوادث ناتجة عن عوامل متعددة، منها الكثافة السكانية، والعامل البشري، وتواجد مراكز مكتظة على طول الطريق، والسرعة المفرطة والتهور، بالإضافة إلى البنية التحتية للطرق التي تعاني من تآكل جنباتها، ووجود مداخل غير مؤهلة للدواوير، وضيقها، وغياب مطبات تخفيف السرعة، وقلة التشوير المتعلق بالنشاط الفلاحي. وأضاف أن جماعة إنشادن هي الأكثر تضرراً من هذه الحوادث المميتة. وطالب بسموسم باتخاذ إجراءات استعجالية، منها تعديل وتوسيع مداخل الدواوير، وتأهيل جنبات الطرق، ووضع التشوير اللازم، وإنشاء مدارات ومخفضات للسرعة، وتكثيف الرادارات. من جانبه، أكد رئيس المجلس الجماعي لإنشادن، امبارك باهضار، على خطورة الوضع، مشيراً إلى الإجراءات التي اتخذتها الجماعة، مثل وضع إشارات عمودية وأفقية، وتمويل وضع حواجز على مستوى بعض المراكز، وربط مدارة أيت لحسن بالإنارة العمومية. كما تم رفع ملتمس إلى وزارة التجهيز والماء لإحداث مدارات عند بعض المداخل، بهدف الحد من الحوادث وتقليص عدد الضحايا.
إن الحصيلة الثقيلة لحوادث السير على الطريق الوطنية رقم 1، وما تخلفه من وفيات وجرحى ومعطوبين وأسر مكلومة، تدق جرس إنذار قوي. وتظل هذه المشاهد المأساوية تتكرر في انتظار تدخل عاجل من الجهات المعنية، وخاصة وزارة التجهيز والماء، لتطبيق حلول ميدانية وجذرية تضع حداً لهذه الظاهرة الخطيرة وتحمي أرواح مستعملي هذا المحور الذي بات يشكل "محور الموت" في مخيال الساكنة.