في ظل الأهمية المتزايدة للاقتصاد الإبداعي كمحرك للنمو والصمود الاقتصاديين، وترسيخ الرخاء الاجتماعي والمساواة، بالإضافة إلى دوره في الحوار الثقافي وتحقيق التنمية المستدامة، أكدت لطيفة البوعبدلاوي، المديرة العامة للمركز الإسلامي لتنمية التجارة، على ضرورة الاستفادة من إمكانات هذا القطاع في دول منظمة التعاون الإسلامي. وأشارت إلى أن الاقتصاد الإبداعي يساهم بشكل ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، مستندة في ذلك إلى بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
أوضحت البوعبدلاوي، في مداخلة ألقاها نيابة عنها اسماعيل تاقي، مدير قسم تسهيل التجارة بالمركز، على هامش "مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الثقافي: أسبوع باكو الإبداعي 2025" في أذربيجان، أن الاقتصاد الإبداعي أصبح محورياً في خلق فرص الشغل، حيث يوفر ما بين 0.5 و 12.5 بالمائة من الوظائف في مختلف الدول. وشددت على أن استثمار الإبداع والابتكار في مجتمعات دول منظمة التعاون الإسلامي يمكن أن يلعب دوراً جوهرياً في مواجهة التحديات التنموية، وتعزيز النمو الشامل، وإبراز الحضور الثقافي من خلال المهرجانات المتنوعة. رغم الثراء الثقافي الذي تتمتع به دول المنظمة، أشارت البوعبدلاوي إلى أن الصناعات الإبداعية في المنطقة لا تزال غير متطورة بشكل كافٍ وتعاني من نقص التمويل. ومع ذلك، وفرت هذه الصناعات وظائف لـ 6 إلى 8 بالمائة من سكان دول المنظمة في عام 2021. وتدرك دول الشرق الأوسط إمكانات الاقتصاد الإبداعي، حيث يسهم التقاء الصناعات الرقمية والإبداعية، خاصة مع استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الويب 3 والواقع الافتراضي، في دفع عجلة الابتكار وتنويع الاقتصادات. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الإبداعي الرقمي العالمي بنسبة 11 بالمائة سنوياً ليصل إلى نحو 27 تريليون درهم إماراتي بحلول عام 2030. في إفريقيا، تجاوزت صادرات الصناعات الإبداعية 14 مليار دولار عام 2022، مع بروز المغرب والسنغال وتونس والكاميرون والغابون كدول مصدرة رئيسية. وفي آسيا، برز الاقتصاد الإبداعي كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي والصمود الاجتماعي والانفتاح الثقافي والتنمية المستدامة، حيث أنشأت إندونيسيا وكالة متخصصة للاقتصاد الإبداعي. أكدت البوعبدلاوي أن الصناعات الإبداعية هي قطاع نابض بالحياة وديناميكي، يلعب دوراً محورياً في تشكيل المشهدين الثقافي والاقتصادي في العديد من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي. ولتعزيز هذه الصناعات، دعت إلى مواصلة تنظيم الفعاليات، وإطلاق جوائز للشركات المبتكرة، وإنشاء منصات إلكترونية للتشبيك والمعارض الافتراضية. ويهدف مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الثقافي إلى استكشاف سبل الاستفادة من إمكانات الصناعات الإبداعية لتعزيز الاستثمار البيني وتطوير التجارة في مجال الخدمات، بالإضافة إلى تبادل الخبرات. وتتألف الصناعات الإبداعية من محتوى يمتد من المجالات التقليدية كالفنون والموسيقى والأدب، إلى المجالات الحديثة كالواقع الافتراضي والإعلام الرقمي، مع التركيز على الأفكار الجديدة والابتكار والقدرة على جذب الجمهور بمحتوى فريد وجذّاب.
يشكل الاقتصاد الإبداعي فرصة حقيقية لدول منظمة التعاون الإسلامي لتعزيز نموها الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة، وإبراز ثقافتها الغنية. يتطلب ذلك تضافر الجهود لتمويل هذه الصناعات، وتشجيع الابتكار، وتوفير المنصات اللازمة لتبادل الخبرات والإبداعات، لضمان استغلال كامل لإمكانات هذا القطاع الواعد.