احتضنت مدينة الخميسات فعاليات “الملتقى القرآني الأول لطلبة قبائل زعير” تحت عنوان “عناية قبائل زعير بالقرآن الكريم.. التاريخ، الواقع، والآفاق”. نظم هذا الملتقى العلمي المتميز المجلس العلمي الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة بالتعاون مع المجلس العلمي المحلي للخميسات وبشراكة مع المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية والوحدة الإدارية لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين.
شهد الملتقى تقديم عدد من الأوراق العلمية القيمة، أبرزها مداخلة للدكتور عبد الفتاح الفريسي التي تناولت موضوع “جهود الملوك العلويين في خدمة القرآن الكريم.. السلطان سيدي محمد بن عبد الله أنموذجا”. سلط الدكتور الفريسي الضوء على مساهمات هذا السلطان في إصلاح التعليم الديني وتعزيز حضور القرآن الكريم في الحياة العامة للمغاربة، مستشهداً بكتابه التربوي “مواهب المنان فيما يتأكد على المعلمين تعليمه للصبيان”. وقد استعرض الدكتور الفريسي محطات بارزة في مسار السلطان سيدي محمد بن عبد الله، مبرزاً اهتمامه بالعلم والعلماء، وعنايته بالمعلمين والطلبة، وجهوده في تنظيم مؤسسات العدالة والتعليم، لا سيما بجامع القرويين. كما تطرق إلى الرؤية التربوية الإصلاحية للسلطان، والتي تمثلت في الدعوة إلى تجاوز الاقتصار على المختصرات، والعودة إلى الأمهات العلمية، وجمع العلم بالعمل، وحفظ القرآن مع إدراك معانيه وأحكامه. وأكد الدكتور الفريسي أن هذه العناية التاريخية بالقرآن، التي واصلها ملوك الدولة العلوية، بلغت أوجها في عهد الملك محمد السادس، من خلال مشاريع هيكلية لتطوير التعليم العتيق وتحفيز الكفاءات القرآنية، مما يعكس استمرارية الاهتمام الملكي بالقرآن وعلومه عبر العصور.
في ختام مداخلته، نوه الدكتور الفريسي بأهمية العودة إلى الأسس الأصيلة في بناء المشاريع التربوية، مستحضراً التحولات الثقافية المعاصرة والتحديات المرتبطة بالهوية والانفتاح. ودعا إلى مواصلة الإصلاح القرآني ضمن رؤية تنموية منسجمة مع الثوابت المغربية.