أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في حوار مع صحيفة “لاراثون”، أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، اعتمد موقفا حازما وعادلا بشأن قضية الصحراء، موضحًا أن المقاربة المغربية ترتكز على تنويع وتكثيف الشراكات مع وضع دعم لا لبس فيه لسيادته الترابية في صميم هذه الشراكات. كما أبرز أخنوش التقارب الاستراتيجي مع إسبانيا والدينامية التي تشهدها العلاقات بين البلدين.
أوضح أخنوش أن القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الصحراء هو قرار دولي عادل ومنصف، ويمثل محطة حاسمة في مسار التسوية النهائية لهذا النزاع المفتعل. وأشار إلى أن هذا القرار يضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتها، ويمنحها فرصة تاريخية لبناء بيئة إقليمية أكثر انسجامًا وازدهارًا، تتجه نحو تنمية متزايدة، وتعايش سلمي، ورفاه اقتصادي واجتماعي بالأقاليم الجنوبية. وبالنسبة لأخنوش، فإن هذا القرار يمهد الطريق لحوار بناء يهدف إلى التوصل إلى توافق بين جميع الأطراف، لا غالب فيه ولا مغلوب، ويحفظ ماء وجه الجميع، كما أكد الملك محمد السادس في خطابه الأخير. وقال إن الدبلوماسية الملكية، بما راكمته من حكمة وواقعية وحزم، جعلت من المغرب نموذجًا في الاحترام والمصداقية، مما أتاح هذا التحول الدبلوماسي الحاسم حول قضية الصحراء المغربية. في هذا السياق، ذكر أخنوش بوجود تقارب استراتيجي بين الرباط ومدريد بشأن قضية الصحراء المغربية، بفضل وضوح وثبات الموقف الإسباني، في انسجام مع قرارات مجلس الأمن. واعتبر أن هذا الموقف يشكل عنصرًا أساسيًا لترسيخ الثقة بين البلدين، وعاملاً مهيكلاً للاستقرار الإقليمي في الفضاءات الإفريقية والمتوسطية والأطلسية. ولدى تطرقه للوضع الحالي للعلاقات بين المغرب وإسبانيا، أكد رئيس الحكومة أن الشراكة بين البلدين شهدت خلال السنوات الأخيرة استقرارًا كبيرًا ودينامية خاصة، تطبعها الثقة والاحترام المتبادل. وأوضح أن الدينامية السياسية التي يقودها قائدا البلدين، إضافة إلى عمق الروابط التي تجمعهما، مكنت من ترسيخ هذه الشراكة في إطار من الوضوح والاستدامة، مما فتح المجال أمام تعاون معزز ومهيكل. كما سلط أخنوش الضوء على الطابع الاستراتيجي لهذه الشراكة، مشيرًا إلى أن إسبانيا تعد اليوم الشريك التجاري الأول للمغرب؛ بينما يمثل المغرب ثالث زبون خارج الاتحاد الأوروبي، وأول زبون وأول مورد لإسبانيا في القارة الإفريقية. وأبرز أن حوالي 800 شركة إسبانية تستقر في المغرب؛ في حين تربط قرابة 12 ألف مقاولة مغربية علاقات اقتصادية مع إسبانيا. ولم يفت رئيس الحكومة التوقف عند عمق الروابط الإنسانية التي تجمع المملكتين، مع وجود ما يقرب من مليون مغربي مقيم في إسبانيا، إلى جانب جالية إسبانية نشيطة بالمغرب؛ مما يعكس تداخلاً وثيقًا بين الفضاءات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلدين. وذكر كذلك بالمقاربة الشاملة والمتوازنة التي تعتمدها الرباط ومدريد في تدبير قضية الهجرة، والتي تقوم على تعاون مسؤول مع بلدان المنشأ والعبور، وتتميز بإجراءات مشتركة وفعالة في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية وشبكات الاتجار بالبشر. وأكد أخنوش أن الدليل على ذلك هو النجاح الكبير الذي حققه الاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا الذي انعقد الأسبوع الماضي في مدريد، بمشاركة وفد وزاري وازن من الجانبين، والذي توج بتوقيع ما يقل عن 14 اتفاقية تعاون في العديد من المجالات. وخلص إلى أنه في ظل دينامية سياسية يقودها قائدا الدولتين على أعلى مستوى، فإن العلاقات بين البلدين تستند اليوم على مرتكزات سياسية واضحة، وحوار مستقر، ورؤية مشتركة تتسم بدرجة عالية من المسؤولية.
في الختام، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش على الأسس المتينة للعلاقات المغربية الإسبانية، مشيرًا إلى أن هذه الشراكة الاستراتيجية، المدعومة بمواقف واضحة حول قضية الصحراء وتعاون فعال في مجالات متعددة كالتجارة والهجرة، تشكل نموذجًا للتعاون الإقليمي والدولي، وتستند على رؤية مشتركة وحوار مستقر بقيادة قيادتي البلدين.