غياب الصافرة المغربية عن جوائز الكاف.. تراجع مقلق في التحكيم الوطني

صورة المقال 1

احتضنت الرباط حفل جوائز الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (كاف) مؤخرًا، وشهد حضورًا مغربيًا بارزًا وتتويجات تاريخية على مستوى الأندية والمنتخبات. إلا أن هذا النجاح الكروي المبهر اصطدم بواقع مرير يتمثل في الغياب التام للحكام المغاربة عن دائرة التتويج، مما يثير علامات استفهام حول مستقبل الصافرة الوطنية.


في الوقت الذي يحتفي فيه المغرب بنجاحاته الكروية، يظل التحكيم الوطني في سباق مع الزمن، ولكنه يتخلف عن الركب. فبينما تتقدم تحكيميات دول إفريقية لم تكن محسوبة تقليديًا ضمن قوى التحكيم، مثل الحكم الصومالي عمر عبد القادر عرتن والأوغندية شاميرا نبادا الحائزين على جوائز أفضل حكم وحكمة على التوالي، غابت الأسماء المغربية تمامًا عن قوائم الترشيحات النهائية. هذا التراجع لم يكن مفاجئًا للكثير من المتابعين، الذين لاحظوا تواضع مستوى التحكيم المغربي في السنوات الأخيرة، رغم حضور تقنية الفيديو (VAR). يطرح هذا الواقع المرير سؤالًا جوهريًا: ما الذي ينقص التحكيم المغربي ليعود إلى واجهة التميز القاري؟ بينما تشهد كرة القدم المغربية نقلة نوعية على كافة المستويات، يبدو التحكيم وكأنه يسير ببطء، خارج نطاق مشروع التطور الكروي الذي يعيشه البلد. فالنجاح الكروي الوطني لا ينعكس على الصافرة المغربية، التي تبدو اليوم خارج السياق مقارنة بحكام من دول أصغر إمكانيات ولكنها أكبر في التكوين والتحضير. وفقًا للخبير التحكيمي محمد الموجه، يعود هذا التراجع إلى "تواضع التكوين المحلي بالنسبة للحكام" وغياب "الاستثمار في الإنجازات". وأشار الموجه إلى أن ما بُني على باطل فهو باطل، وأن غياب التكوين الجيد والعمل الاحترافي والحرص من أهل الاختصاص يؤدي حتمًا إلى عدم تحقيق نتائج مغايرة. ويشدد على ضرورة "المصالحة مع الذات ووضع أهل الاختصاص في مكانهم الصحيح والعمل بشكل احترافي"، وإلا فإن التراجع المستحق سيستمر. وتتمثل أسباب هذا الغياب في عدة نقاط، أبرزها: * ضعف التكوين المستمر مقارنة بمدارس تحكيمية أخرى أكثر حركية. * إشكالات في تدبير المسار التحكيمي وغياب استراتيجية واضحة لتطوير الحكام الواعدين. إن الخروج من سباق جوائز الكاف لا يعني فشل التحكيم المغربي بشكل مطلق، ولكنه مؤشر سلبي يستدعي التعامل معه بجدية. يبدو أن المغرب لم يواكب التحول والتطور السريع في مجال التحكيم الإفريقي والعالمي بالشكل المطلوب. جوائز الكاف تأتي كجرس إنذار ورسالة واضحة بأن قوة كرة القدم المغربية وحدها لا تكفي، وأن التفوق يجب أن يشمل كافة المكونات، بما في ذلك التحكيم الذي يعد ركنًا أساسيًا في المنظومة الكروية الحديثة.

إن غياب اسم مغربي عن جوائز التحكيم في حفل الكاف ليس مجرد تفصيل عابر، بل هو حدث يستوجب النقاش والتقييم الشامل. فالمغرب الذي يطمح لقيادة الكرة الإفريقية لا يمكن أن يظل متأخرًا في مجال حساس كقطاع التحكيم. اليوم، تسائل جوائز الكاف الصافرة المغربية، وتدعو إلى مراجعة شاملة وتخطيط استراتيجي يعيدها إلى الواجهة القارية، ليواكب التحكيم المغربي التطور الكبير الذي تشهده كرة القدم الوطنية.