في خطوة تهدف إلى حماية الأطفال وتعزيز سلامتهم، دعت فعاليات المجتمع المدني، بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للطفل الذي يوافق 20 نوفمبر من كل عام، إلى تشديد الرقابة على جميع دور حضانات الأطفال وربطها بمنظومة "مسار" على الصعيدين الوطني والترابي. وتأتي هذه الدعوات إثر واقعة وفاة رضيع في إحدى دور الحضانة بمدينة طنجة، والتي اعتبرت فاجعة تمثل نتيجة حتمية للإهمال وغياب المراقبة الكافية.
أصدرت جمعية "جنات لحماية الطفولة والأسرة" بياناً أكدت فيه أن تخليد اليوم العالمي للطفل يتزامن مع واقعة وفاة رضيع طنجة، وأن هذه الفاجعة تمثل خطراً يحدق بجميع الأطفال نتيجة للإهمال وعدم المراقبة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات كافية لحمايتهم. وشددت الجمعية على ضرورة التحرك العاجل والفوري لضمان عدم تكرار هذه المأساة، من خلال تعزيز الحماية القانونية عبر نصوص تشريعية تنظم جميع فضاءات استقبال الأطفال، وتشديد الرقابة على منح التراخيص، ومتابعة استغلال هذه الفضاءات بواسطة الآليات القانونية، وفرض الوصاية الفعلية للسلطات المختصة. وفي هذا السياق، دعا المصدر ذاته إلى تحيين النصوص التشريعية لتعزيز حماية الطفولة المغربية، على أن تشمل هذه التعديلات الإطار القانوني لجميع الفضاءات التي تستقبل الأطفال. وطالبت الجمعية باتخاذ إجراءات زجرية بحق كل الجهات التي تعرض الأطفال لمخاطر فعلية أو محتملة، سواء كانت أشخاصاً معنويين أو اعتباريين. كما دعت إلى تحرك الجهات الرسمية والمدنية للتوعية بأهمية حماية الطفولة وترسيخ ثقافة التمييز الإيجابي لهذه الفئة الهشة. وجددت الوثيقة دعوتها لتعزيز الحماية القانونية والفعلية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال المتخلى عنهم، وأطفال الطلاق من خلال صيغة حضانة تضمن تقاسم الأعباء والمسؤوليات. كما شملت الدعوة نزلاء دور الرعاية والخيريات، والأطفال المقيمين في الأقسام الداخلية تحت إشراف وزارة التربية الوطنية. وشدد البيان على أهمية توسيع نطاق مسك بيانات الأطفال لتشمل رياض الأطفال ودور الحضانة، خاصة وأن هذه المؤسسات تُرخص من طرف وزارة التربية الوطنية التي اعتمدت المسك الإلكتروني بمنظومة "مسار". كما جددت الجمعية دعوتها لوزارة الأسرة والتضامن الاجتماعي لتكوين أطر مؤهلة للإشراف على رعاية الأطفال وحمايتهم، عبر نظام تكوين تربوي يتناسب مع احتياجاتهم، لتفادي وضع الأطفال في عهدة أشخاص غير مؤهلين. وأشار المصدر إلى أهمية تشديد إجراءات منح رخص فتح واستغلال دور الحضانة، من خلال فرض دفتر شروط صارم يضمن عدم تعريض الأطفال للمخاطر، وتنظيم دوريات مراقبة وتفتيش من قبل الجهات المانحة للتراخيص لضمان التزام هذه الدور بالقانون تجاه الأطفال الذين تتولى رعايتهم. من جانبه، أكد نبيل العمومي، رئيس جمعية "جنات لحماية الطفولة والأسرة"، على وجود اختلالات خطيرة في وضعية عدد من دور الحضانة في طنجة، حيث تبين أن بعضها غير مؤهل وغير حاصل على التراخيص القانونية، ولا يندرج ضمن منظومة "مسار"، مما يحد من إمكانية المراقبة الفعالة وتتبع أوضاع الأطفال. وأضاف العمومي أن التراخيص تُمنح أحياناً دون احترام للمعايير المطلوبة، وأن كفاءة المستخدمين وضعيفة، مع غياب التأهيل المهني اللازم، مما يفتح المجال أمام اشتغال حضانات غير معروفة تستقبل الأطفال دون ضمان شروط السلامة والجودة. كما دعا العمومي إلى إقرار نظام الحضانة المشتركة، نظراً للأعباء التي تتحملها الأمهات منفردات بعد الطلاق، مع وجود عراقيل يواجهها بعض الآباء في زيارة أبنائهم. وشدد على أهمية إدماج الحضانات في منظومة "مسار" لضمان مراقبة صارمة وتوفير بيانات دقيقة حول الأطفال، مما يسمح بتحسين جودة الخدمات وتعزيز الشفافية في التسيير.
تؤكد هذه الدعوات على الحاجة الملحة لتعزيز آليات الحماية القانونية والرقابية على دور الحضانة في المغرب، وذلك لضمان سلامة الأطفال وتوفير بيئة آمنة لهم. إن إشراك هذه المؤسسات في الأنظمة الرقمية الوطنية، وتطوير برامج تكوين متخصصة للعاملين فيها، وتشديد معايير منح التراخيص، كلها خطوات ضرورية لمعالجة الاختلالات القائمة وحماية الفئة الأكثر ضعفاً في المجتمع.