في خطوة هامة تهدف إلى توحيد الجهود وتعزيز التنسيق بين مؤسسات الحكم في ليبيا، أعلن المجلس الرئاسي، بالتعاون مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية ورئيس المجلس الأعلى للدولة، عن تشكيل "الهيئة العليا للرئاسات". تأتي هذه المبادرة لضمان الانسجام في معالجة الملفات الاستراتيجية وتعزيز القرار الوطني الموحد.
عُقد اجتماع رفيع المستوى في العاصمة طرابلس جمع بين محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، ومحمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للدولة. خلال هذا الاجتماع، تم الإعلان الرسمي عن تشكيل "الهيئة العليا للرئاسات"، والتي ستضطلع بدور السلطة السيادية العليا في البلاد. ووفقًا للبيان الصادر عقب الاجتماع، فإن الهدف الأساسي للهيئة هو تطوير آلية موحدة لصنع القرار الوطني وتنسيق المواقف الرسمية في القضايا ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية. وتؤكد هذه المبادرة على عدم استحداث أي هياكل إدارية جديدة أو تحميل الدولة أعباء تنظيمية إضافية، بل تركز على تعزيز فعالية المؤسسات القائمة. ويأتي تشكيل هذه الهيئة كاستجابة واضحة للتحديات المتزايدة التي تواجه ليبيا في المرحلة الحالية، وتجسيداً للإرادة السياسية المشتركة لتجاوز الانقسامات وتعزيز مسار التنسيق الهادف إلى حفظ سيادة الدولة ووحدتها واستقرارها. وقد دعت الرئاسات الثلاث المؤسسات السيادية الأخرى في ليبيا إلى الانضمام لهذا الإطار التنسيقي، وذلك دعماً للجهود الرامية إلى بناء دولة قوية ومتماسكة. وأوضح وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، أن "الهيئة العليا للرئاسات" لا تشكل مؤسسة قائمة بذاتها، بل هي آلية تنسيقية فعالة تتجلى عبر اجتماعات دورية أو طارئة. تهدف هذه الاجتماعات إلى توحيد المواقف الرسمية والتعامل المشترك مع التحديات الداخلية التي تواجه البلاد. تأتي هذه المبادرة في ظل استمرار الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا، حيث تتنازع سلطتان تنفيذيتان على الشرعية، الأولى مقرها في طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في بنغازي بقيادة أسامة حماد المعيّن من قبل مجلس النواب، مع تعثر المسار الانتخابي منذ تأجيل الاستحقاقات الرئاسية التي كانت مقررة في ديسمبر 2021.
يمثل تشكيل "الهيئة العليا للرئاسات" خطوة هامة نحو توحيد المؤسسات القيادية في ليبيا وتعزيز قدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية متسقة. إن التركيز على التنسيق وتجنب استحداث هياكل جديدة يعكس رغبة في تحسين الحوكمة ودفع عجلة الاستقرار في البلاد، على الرغم من التحديات السياسية المستمرة.