وجه “التجمّع العالمي الأمازيغي”، في شخص رئيسه رشيد رخا، رسالة إلى بربارة ماسينغ، المديرة العامة لمؤسسة “دويتشه فيله” (Deutsche Welle/DW) الألمانية، نبّه من خلالها إلى تكرار عبارة “المغرب العربي” في نشرات هذه القناة، داعيا في الوقت ذاته إلى “احترام الهوية الأمازيغية الضاربة في التاريخ وصون الوحدة الترابية لبلدان تامازغا (شمال إفريقيا)”.
وجاء في الرسالة التي توصلت هسبريس بنسخة منها: “اسمحوا لي بأن ألفت انتباهكم إلى مسألة حساسة ومتكررة في نشرات الأخبار الناطقة باللغة العربية على قناة “دويتشه فيله”. فقد لوحظ، وللأسف، أن عبارة “المغرب العربي” تُستعمل بشكل متكرر للإشارة إلى بلدان شمال إفريقيا؛ غير أن العديد من الباحثين والمؤرخين والمؤسسات الثقافية أكدوا أن «المغرب» لم يكن في يوم من الأيام فضاء عربيا، ولا يمكن اختزاله في هذا البعد الثقافي الواحد”. وأشارت الرسالة إلى أنه، وعلى غرار بعض القنوات الأخرى التي قالت إنها “متشبعة بإيديولوجيا عروبية-إسلامية ذات نزعة مركزية إثنية”، فإن مقدمي هذه القناة الألمانية يصفون الفرق المغربية لكرة القدم بأنها “فرق عربية”، مبرزة أن “الجميع يعلم تمام العلم أن المنتخب المغربي الذي تألق مؤخرا في كأس العالم لأقل من 20 سنة كان يمثل بلدا إفريقيا، يشارك باسم القارة الإفريقية — وليس باسم شبه الجزيرة العربية أو دول الخليج أو آسيا”. ولفت “التجمع العالمي الأمازيغي” إلى “رسالة التهنئة التي بعث بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة المتوج بطلا للعالم في الشيلي سنة 2025، التي أشاد فيها بالإنجاز المشرّف للمغرب وشبابه وللقارة الإفريقية، دون أية إشارة إلى ما يسمى بالتمثيل العربي”، مشيرا أيضا إلى تأكيد الملك على أن “الأمازيغية مكوّن أساسي من الهوية المغربية الأصيلة، الغنية بتعدد روافدها، ومشترك جامع بين جميع المغاربة دون استثناء”. وشدّد على أهمية مراعاة فرق التحرير في مؤسسة “دويتشه فيله” للحقيقة التاريخية والأنثروبولوجية والثقافية الثابتة التي تؤكد أن شعوب شمال إفريقيا ذات هوية أمازيغية بالأساس. وتابعت الرسالة قائلة إن “مؤسسة “دويتشه فيله” تفتخر، وعن حق، بمبادئها التحريرية القائمة على الصدق ومناهضة التضليل الإعلامي والمصداقية. ومع ذلك، فإن استخدام مصطلح “المغرب العربي” يتنافى مع الدقة التاريخية والجغرافية والعلمية، كما يغذّي سرديات أيديولوجية متجاوزة، تعود جذورها إلى فكر القومية العربية الذي سعى طويلا إلى طمس الهوية الأصلية للمنطقة”. وزادت: “وربما تأثر بعض صحافييكم، كما تأثر عدد من الصحافيين في شمال إفريقيا، بأسطورة العروبة القائلة إن الأمازيغ قدموا من اليمن واستعمروا شمال إفريقيا؛ غير أن الأبحاث في الأنثروبولوجيا الجينية والاكتشافات الأثرية والتاريخ العلمي تثبت العكس تماما؛ فقد بيّنت أن عددا من شعوب الشرق الأوسط، لا سيما في السعودية واليمن، وكذلك جزءا من مؤسسي الحضارة الفرعونية، تعود جذورهم إلى شمال إفريقيا، وينطبق ذلك أيضا على بعض الشعوب الإيبيرية والإيطالية الصقلية والسردينية والمتوسطية”. وأكدت أن “هذه الإيديولوجيا فقدت مصداقيتها نهائيا بعد أن بثّت وسائل إعلامكم نفسها، في يونيو 2017، خبر الاكتشاف العلمي العظيم “إنسان أدرار إيغود” بالمغرب، والذي يعدّ أقدم إنسان عاقل معروف في التاريخ”، مسجّلة أن “هذا الاكتشاف المغربي-الألماني، الذي أشرف عليه البروفيسور جان جاك أوبلان من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية بمدينة لايبزيغ، والبروفيسور عبد الواحد بن نصر، تصدّر عناوين الصحف الألمانية، ومنها العنوان اللافت: نحن جميعا مغاربة”. وفي سياق آخر، التمس “التجمع العالمي الأمازيغي” من المؤسسة الألمانية سالفة الذكر “الحرص على احترام الحدود الترابية لدول شمال إفريقيا، وتجنب أي تمثيل خرائطي يفصل الصحراء المغربية عن تراب المملكة المغربية؛ ذلك أن ألمانيا، إلى جانب إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة، اعترفت بالخطة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحلّ جاد وذي مصداقية، وهو ما تؤكده قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”. ودعا رئيس التجمع المديرة العامة للمؤسسة الإعلامية ذاتها إلى “توعية هيئات التحرير بضرورة تجنب المصطلحات ذات الحمولة الإيديولوجية، التي تفتقر إلى الأسس العلمية والتاريخية، والتي يُنظر إليها باعتبارها تمييزية من لدن ملايين من مواطني شمال إفريقيا؛ بمن فيهم المواطنون الأوروبيون والألمان من أصول مغاربية والمهاجرون المقيمون في أوروبا وألمانيا”.
في ختام الرسالة، دعا التجمع العالمي الأمازيغي مؤسسة "دويتشه فيله" إلى توعية هيئات التحرير بضرورة تجنب المصطلحات ذات الحمولة الإيديولوجية، والتي تفتقر إلى الأسس العلمية والتاريخية، والتي يُنظر إليها باعتبارها تمييزية من لدن ملايين من مواطني شمال إفريقيا، مؤكدين على ضرورة احترام الهوية الأمازيغية والوحدة الترابية لبلدان تامازغا.