المنتدى العربي للأرض والمناخ: المغرب يقدم نموذجه في الاقتصاد الأزرق لمواجهة تغير المناخ

صورة المقال 1

تحت شعار “التحول الأزرق: نحو تحقيق التوازن بين المياه والأراضي للحد من آثار تغير المناخ”، احتضنت شرم الشيخ المصرية فعاليات المنتدى العربي للأرض والمناخ – النسخة الرابعة، وذلك خلال الفترة بين 04 و06 نونبر الجاري. انعقد المنتدى تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن طلال آل سعود، رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، وبشراكة مع الشبكة العربية للمنظمات الأهلية. هدفت الدورة إلى مناقشة التحول الأزرق كرافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية في المنطقة العربية، مع تبادل الخبرات حول دور الحكومات والمجتمع المدني في حماية النظم البيئية البرية والبحرية.


شهد المنتدى مداخلة محورية لحمزة ودغيري، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الأخضر من أجل البيئة والعدالة المناخية، تناول فيها “التجربة المغربية في تعزيز الاقتصاد الأزرق، ودور المجتمع المدني في دعم التنمية البيئية والمناخية”. أبرز ودغيري الرؤية الملكية السامية للملك محمد السادس في جعل الاقتصاد الأزرق رافعة استراتيجية للتنمية المستدامة في إفريقيا. وأكد ودغيري أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، تبنى نهجا استباقيا وشاملا لمواجهة تحديات المناخ والبيئة، من خلال سياسات متكاملة تجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية. هذا التوجه الاستراتيجي جعل من المملكة نموذجا إفريقيا رائدا في الاقتصاد الأزرق، يوازن بين استثمار الموارد البحرية وصونها للأجيال القادمة، من خلال رؤية متكاملة لتعزيز الاقتصاد الأزرق منذ مطلع الألفية الثالثة، عبر استراتيجيات وطنية رائدة مثل مخطط “أليوتيس” (2009)، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة (2017)، وخارطة الطريق الوطنية للاقتصاد الأزرق (2022). كما تم في عام 2023 إطلاق البرنامج الوطني للاقتصاد الأزرق لدعم الجهات الساحلية وتقوية الحوكمة البحرية والمرونة المناخية. عززت المملكة هذه الاستراتيجيات بترسانة قانونية متقدمة، مثل قانون الساحل (12-81) وقانون حماية البيئة البحرية (15-12)، بالإضافة إلى مؤسسات وطنية فاعلة مثل المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري (INRH)، والوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية، ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة. استشهد ودغيري بالميناء الأطلسي بالداخلة كمثال عملي للرؤية الملكية في تحويل الواجهة الأطلسية للمغرب إلى قطب تنموي بحري استراتيجي، يربط القارة الأوروبية والإفريقية والأمريكية، ويعزز الاقتصاد البحري المستدام. ووصف هذا المشروع بأنه رمز للعدالة المناخية والابتكار في خدمة التنمية الزرقاء، مع مراعاة مبادئ الاستدامة البيئية. أشاد ودغيري بمؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، مؤكدا أن الميناء الأطلسي بالداخلة نموذج إفريقي ناجح للاقتصاد الأزرق المستدام، وكيفية توظيف الاستثمارات البحرية لخدمة الأمن الغذائي والطاقة النظيفة والتعاون جنوب-جنوب. وأبرز الدور المحوري للمجتمع المدني المغربي في نجاح التحول نحو الاقتصاد الأزرق، حيث أصبح شريكا فعليا للدولة في تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية. وأشار إلى أن الدستور المغربي لسنة 2011 أرسى أسس المشاركة المدنية، مما مكّن الجمعيات البيئية من الانخراط في مشاريع لحماية الساحل والموارد البحرية من خلال ثلاثة أدوار رئيسية: نشر الوعي والتربية البيئية، والمراقبة والمناصرة، وتنفيذ مشاريع ميدانية. شدد ودغيري على أن الدينامية الجمعوية تترجم رؤية الملك محمد السادس في إشراك المجتمع المدني كشريك في التنمية المستدامة، وأن العدالة المناخية لا يمكن أن تتحقق دون عدالة في توزيع الأدوار بين الدولة والمجتمع والجامعة والقطاع الخاص. أكد ودغيري على أهمية البحث العلمي في دعم هذه المقاربة، مبرزا دور المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري (INRH) والجامعات المغربية في رصد النظم البيئية البحرية وتطوير التكنولوجيات الزرقاء، وأن الدراسات الأكاديمية ساهمت في إعداد خارطة الطريق الوطنية للاقتصاد الأزرق. رغم النجاحات، أشار ودغيري إلى تحديات مثل ضعف التمويل، ومحدودية التنسيق، وغياب قاعدة بيانات وطنية موحدة، داعيا إلى اعتبار هذه التحديات فرصا للإصلاح والابتكار. في ختام مداخلته، قدم ودغيري توصيات عملية لتعزيز التعاون، منها إنشاء المرصد الوطني للاقتصاد الأزرق، وإطلاق صندوق وطني لدعم المجتمع المدني الأزرق، وتنظيم دورات تكوينية في علوم البحار والتدبير البيئي. كما دعا إلى إشراك الجمعيات البيئية في إعداد وتتبع السياسات العمومية، وإدماج التربية البحرية في المناهج التعليمية، وتعزيز الشراكات بين القطاع الخاص والجمعيات البيئية.

ختم المتحدث بالتأكيد على أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس يقدم نموذجا إفريقيا متفردا في الاقتصاد الأزرق والعدالة المناخية، من خلال رؤية استباقية تجمع بين الابتكار والمسؤولية البيئية والتنمية التضامنية، مما يجعله رائدا في مواجهة تحديات تغير المناخ.